كشفت صحيفة «صنداي تليجراف» البريطانية، السبت، عن تورط بعض مسؤولي حرس الحدود في الدول الأوربية في عمليات دولية لتهريب اللاجئين بطرق غير شرعية إلى الدول الغربية.
وذكرت الصحيفة، في تحقيق موسع نشرته لمراسلها في إسطنبول، روث شيرلوك، بعددها الأسبوعي، إن هناك شبكة دولية للمُهربِين تدفع رشاوي لسياسيين وقادة الشرطة وحرس الحدود في عدد من الدول الأوبية ليغضوا الطرف عن تهريب عشرات الآلاف من اللاجئين اليائسين إلى القارة الأوربية.
وفي إطار التحقيق، التقي مراسل الصحيفة بـ«أبوعلي»، أحد العناصر الأسياسية في شبكة التهريب الدولية بإسطنبول، ونقلت عنه قوله إن «أجهزة المخابرات التركية تدرك وظيفته جيدا، وأنه بدون علاقة رؤسائه في هذا المجال بقادة الشرطة وحرس الحدود في الدول الغربية ما كان ممكنا أن يتم تنفيذ أي عملية ترهيب للاجئين».
وأضاف «أبوعلى» لمراسل الصحيفة: «أقوم بإعداد الرحلات فحسب، بينما هناك آخرون أعلى مني يديرون الشبكة بأكلمها لديهم اتصالات على مستوى عال جدا في الشرطة والحكومة في الدول التي نعمل فيها».
ووفقا للصحيفة، فإن هناك شبكة غير قانونية تدار بملايين الدولارات تتوسع حاليا في جميع أنحاء أوروبا وصولاً إلى بريطانيا وكندا.
وتابع (أبوعلي): «إذا كان اللاجئين قادرين على دفع الأموال وعلى استعداد لتحمل المخاطر والظروف الصعبة، يُمكن للمهربين أن يرسلوهم إلى العواصم الأوروبية من بينها فيينا وباريس وأمسترادم وستوكهولم، بمساعدة مسؤولي الهجرة في هذه الدول».
فوققا لما نقله مراسل الصحيفة، فإن هولاء المهربين «يمكنهم الوصول لأي مكان، ولديهم اتصالات بمعظم الدول الأوروبية وغيرها، فهم يهربون اللاجئين للعديد من الأماكن مثل تركيا ولبنان وتونس ولبيا»، حسب ما ذكره «أبوعلي».
وأشارت «صنداي تليجراف» إلى أن هذه المعلومات تأتي في الوقت الذي تكافح فيه الحكومات الغربية لإيجاد سبل للتحكم في التدفق المتزايد في أعداد اللاجئين، التي وصلت إلى نحو 350 ألف، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
ورأت الصحيفة أن «هؤلاء اللاجئين، يجازفون بحياتهم في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر، كمحاولة أخيرة للحصول على حياة أفضل. وأشارت إلى أن الحروب التي اندلعت بعد الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تسببت في تشريد عدد كبير من النازحين منذ الحرب العالمية الثانية».
وقالت الصحيفة إن ا«لكثير من اللاجئيين، وخاصة السوريين، لجأوا إلى بيع ما تبقى من ممتلكاتهم للحصول على الأموال لدفع للهجرة إلى أوروبا، وهو ما ساهم في ازدهار عمليات الترهيب دوليا».
وأضافت الصحيفة أن العائلات السورية في إسطنبول، على سبيل المثال، يمكن أن تقضي أسابيع وأشهر «تتسوق» من أجل الوصول إلى أفضل مُهربِ، في ظل وجود العشرات من شبكات التهريب غير القانونية بأسعار مختلفة.
وأوضحت الصحيفة أن قرار اختيار المُهربَ المناسب تعد مسألة حياة أو موت، وخاصة أنه في كثير من الأحيان تكون القوارب التي تنقل اللاجئين مكتظة جدا ومتهالكة ومعرضة للغرق.
وروى «أبوعلى» للصحيفة كيفية تنفيذ عملية التهريب بدءا من وضع الركاب على متن القوراب في أحد الموانىء في تركيا، وصولا إلى اتصاله بالمُهربِ الذي يساعده في واجهته من الدول، والمسؤول عن دفع الرشاوي المطلوبة حتى يدخل اللاجئين هذه الدول.
وقال إنه «ساعد، في 2013، أكثر من ألفي سوري وعراقي ولاجئين من دول أخرى على السفر من تركيا إلى اليونان بحراً، ثم ساعدهم على عبور دول أخرى في أوروبا براً».
وأضاف:«كثير من الناس يريدون الذهاب للنمسا، فاتصل بالشخص الذي يدفع الرشاوي هناك حرس الحدود ليسمحوا لهم بالعبور عبر الدول الأوروبية بعد الوصول لليونان، إذ تبين أن هناك طرق سرية تمكنهم من الوصول إلى ألبانيا ثم الجبل الأسود، إلا أن تكلفة ذلك تقدر بـألف يورو، بل وهناك ما يزيد عن 1500 يورو».
ولفتت الصحيفة إلى أن شبكات التهريب تساعد في كثير من الأحيان «الجهاديين» الأجانب الراغبين في الانضمام إلى مجموعات متطرفة في سوريا، ونقلت عن «أبوعلي» قوله :«ساعدت عائلة مسلمة من أمريكا على دخول سوريا»، وأضاف :«في هذه المهنة لايهم من أنت، ولكن كم ستدفع مقابل السفر؟»