تتلمذت فى مدرسة كامل توفيق دياب

كتب: اخبار السبت 13-12-2014 19:44

شاء القدر أن يجمعنى بالراحل الكبير كامل توفيق دياب، فقد عملت بشركة الوادى لتصدير الحاصلات الزراعية، وهى إحدى شركات القطاع العام.. تم تأسيس هذه الشركة فى يوليو 1964 بغرض النهضة بنشاط تصدير الحاصلات الزراعية فى مصر، التى لم تكن تصدر قبل ثورة يوليو 52 عدا القطن، وكميات ضئيلة من محصولى البصل والثوم.. أخذت الصادرات الزراعية تتصاعد تدريجيا حتى أتى إلى قيادة الشركة رجل دمث الخلق فذ هو «كامل توفيق دياب»، وكان ذلك فى أوئل عام 1967 وفى تلك الظروف الصعبة إذ بالرجل يستخدم كل الإبداعات المتاحة فى علمى الإدارة والتجارة الخارجية ليقفز بأرقام الصادرات المصرية إلى عنان السماء، ويكفى أن أقول لكم إن شركة الوادى تم تأسيسها بمبلغ نصف مليون جنيه عام 1964 وتركها كامل دياب، وفى حساباتها أرصدة دائنة تجاوزت الخمسين مليون جنيه!..هكذا كان نجاح كامل توفيق دياب ونجاح أمثاله من قادة القطاع العام.. أما كامل توفيق دياب الإنسان فأنا لا أملك إلا أن أقول لكم بعض الحقائق: حدثت مشكلة بينى وبين إحدى الزميلات بالشركة، وفوجئت بطلبه كرئيس لمجلس الإدارة بحضورى لمكتبه، وقد أشيع أن القادم الجديد شديد المراس لا يتوانى عن زجر من يقف أمامه!.. عندما التقيته وجدته دمث الخلق، ودودا، خفيف الظل، يجذبك إليه دون أن تدرى، ويعلمك كيفية الرقى فى العلاقات الإنسانية وحل المشاكل!.. وقد أوفدنى لدراسة التخطيط المالى بمعهد التخطيط القومى، وبعد انتهائى من الدراسة أهديته نسخة من البحث العلمى المقدم منى، وكنت أتصور لانشغاله أنه سوف يحفظها بمكتبه. لكننى فوجئت بطلبه لقائى ليشكرنى على جهدى ويكرمنى، وفى تواضع شديد يبدى إعجابه بطريقة تبويب البحث ويقول لى وهو أستاذى الكبير: «هل لى أن أسترشد بها فى البحث الذى أعده فى دراسة الماجستير؟».. قلت يا أستاذنا أنت لست مضطرا لهذا الطلب لأنه حقك العلمى.. أذكر لكم موقفا آخر للتواضع ومدى ما يحمله قلبه من حب.. بعد أن ترك كل منا العمل بشركة الوادى بعد عام 73 سافرت للعمل بدولة الإمارات وكنت بصدد تطوير إحدى شركات التجارة، مستعينا ببعض الزملاء من مصر.. وذات يوم وصل كامل دياب إلى أبوظبى لتأسيس شركة للخدمات البترولية، ويصطحبنى معه فى جولة لاختيار مقر للشركة، ويستأذننى فى أن يستعين بالزميل سعدالدين غريب (أطال الله عمره) كى يعمل معه فى هذه الشركة، هذا هو كامل دياب، الفارس الجميل، ذو القلب الكبير، صاحب الخلق الدمث، نبت العراقة والأصالة.

منير محيسن

elsayed1943@hotmail.com