ديديه دروجبا.. الفِيَلة لا تشيخ مع الزمن

كتب: محمد المصري الخميس 11-12-2014 16:07

حين تعاقد معه تشيلسي في بداية الموسم، كان هناك أكثر من رأي أو توقع لسبب هذا التعاقد: مهاجم ثالث في القائمة وراء دييجو كوستا ولوك ريمي، تكريم واحد من أساطير النادي بعامٍ أخير ومع مدربه المفضل جوزيه مورينيو، إتاحة الفرصة للاعتزال بين جدران النادي الزرقاء. لكن ما لم يعرفه أحد في الحقيقة أن الفيلة لا تشيخ مع الزمن، تحتفظ بقوتها مهما امتلأ جلدها بالتجاعيد.

«أحياناً لا أصدق فعلاً أنني ألعب بجانب ديديه دروجبا، وأن ذلك هو اللاعب الذي أحببته على الشاشات صغيراً، إنه مهم جداً بالنسبة لي وللفريق، مُلهم وقائد، والمذهل أنه لازال يساعد الفريق فنياً كلما يلعب».. إدين هازار

حين لعب «دروجبا» أول مباراة رسمية كمهاجم أفريقي محترف في نادي «لا مينز» الفرنسي عام 1998، كان «هازار» لازال في السابعة من عمره، الوقت الطويل منذ تلك اللحظة جعل من البلجيكي واحدًا من أهم المواهب الشابة في العالم، واللاعب الأهم في قائمة الفريق اللندني خلال العامين الماضيين، وفي المقابل فإن «الفيل الإيفواري»، كما أسموه دوماً، صار أبطا بالطبع، غير قادر على لعب 90 دقيقة كاملة، لا يحاول الخروج كثيراً من منطقة الجزاء لأن الجري من دائرة المنتص فسيرهقه، ولكنه لازال قادراً –في المُقابل- أن يكون قناصاً وقوياً ومؤثراً في الفريق الذي يلعب بقميصه.

«دروجبا» سيكمل الـ37 من عمره عقب 3 أشهر، لا يمكن أن تطلب من لاعب في هذا العمر أن يظل مؤثراً في دوري بقوة الدوري الإنجليزي، أو مسابقة حامية دائماً كدوري الأبطال، ولكن «دروجبا» يكون تأثيره استثنائيا فعلاً في كل مرة ينزل إلى الملعب كأساسي أو كبديل، ولا فرحة توازي فرحة جماهير تشيلسي وهي تشاهد أسطورتهم حيَّة أمامهم، كأن الأيام لم تمر.

«هل لاحظ أحد منكم غياب دييجو كوستا؟ أسأل ذلك لأنني لم ألحظ ذلك، دروجبا كان هنا كما كان دائماً».. جوزيه مورينيو بعد مباراة توتنهام الأخيرة في الدوري

ظهر الإيفواري العجوز في 16 مباراة هذا الموسم، أغلبهم كبديل في الدقائق الأخيرة لدييجو كوستا، مهاجم الفريق الأساسي وواحد من أفضل وأقوى مهاجمي العالم حالياً، ولكن الشيء الرائع أنه كان موجوداً في كل لحظة احتاجه فيها الفريق.

المبارتان اللتان ظهر فيهما كأساسي في الدوري هذا الموسم، لإصابة «كوستا»، الأولى كانت أمام مانشستر يونايتد في «أولد ترافورد»، لقاء صعب أمام فريق كبير، تعرض «دروجبا» لضغط ومراقبة طول اللقاء، واضطر للعب 90 دقيقة لعدم وجود أي مهاجم آخر، لم يصوب كثيراً على المرمى، ولكن في لقطة تحمل الرائحة القديمة أحرز الهدف الوحيد لتشيلسي، نسخة طبق الأصل من هدفه في نهائي شامبيونز 2012 الذي قاد فريقه للقب حينها، وفي المرة الجديدة كان كافياً لمنحه التقدم حتى آخر دقيقة، والحفاظ على سجله خاليا من الهزائم هذا الموسم.

أما المباراة الثانية فهي ضد توتنهام، الرائحة القديمة كلها كانت هنا، توتنهام ضغط تشيلسي طوال الثلث ساعة الأولى، كرة في العارضة، انفراد بكورتروا، هجمة ثالثة كادت تصبح هدفاً، وحده «دروجبا» فَك كل شيء بـ«أسيست» عظيم بباطن قدمه لـ«هازار»، قبل أن ينهي المباراة كلها بعد دقيقتين بعد أن سجَّل الهدف الثاني. كان نجم المباراة الأول، مُلهم الفريق، والقائد الموجود دائماً عند الحاجة.

وفي دوري الأبطال كذلك تبدو الأمور بخير، وسجل 3 أهداف في 5 مباريات لعبها الفريق حتى الآن، مؤكداً على أنه نعم صار أبطأ.. أقل حركة.. أخف التحاماً، كما يحدث مع العجائز، ولكنه عَكسهم، وكما تكون الفِيَلة عند التقدم في العمر، لازال قوياً وحاداً ومؤثراً.

«إنه واحد من أصحاب العقلية القديمة، لا أنانية.. لا تهاون، هو رجل متواضع يلعب ويحارب من أجل الفريق، شيء مُذهل، ولاعب كرة عظيم».. جوزيه مورينيو