رداً على تقرير مجلس الشيوخ الأمريكى الذى ينتقد برنامج وكالة المخابرات المركزية «سى.آى.إيه» فى استجواب المعتقلين، فى مرحلة ما بعد هجمات 11 سبتمبر، الذي صدر مساء الثلاثاء، نشرت صحيفة «جارديان»، البريطانية، خريطة بالدول التى استضافت سجوناً سرية للوكالة الأمريكية، والبلدان التى سهلت عمليات التعذيب، قائلة إن مصر إحدى الدول التى سهّلت هذه العمليات.
بلغ عدد الدول التى استضافت سجونا سرية، وفقاً لتقرير الصحيفة البريطانية، الذى نشرته الأربعاء، 9 دول، هى: أفغانستان، والبوسنة والهرسك، ومنتجع جوانتانامو، والعراق، وليتوانيا، والمغرب، وبولندا، ورومانيا، وتايلاند، فيما بلغ عدد الدول التى سهلت عمليات التعذيب 47 دولة، منها 10 دول عربية، هى: مصر، والجزائر وموريتانيا، والأردن، والسعودية، وليبيا، والصومال، وسوريا، والإمارات، واليمن. ومن أبرز الدول التى سهلت عمليات التعذيب لمعتقلى «سى.آى.إيه» حول العالم: النمسا وأستراليا وبلجيكا وكندا وقبرص وكرواتيا والدانمارك وفنلندا وجورجيا وألمانيا واليونان وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وتركيا والمملكة المتحدة.
ومن جانبها، رأت مجلة «تايم»، الأمريكية، أن تقرير مجلس الشيوخ الأمريكى يعد بمثابة تذكرة للمصريين بعهد الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، حيث كانت القاهرة وجهة لـ«التعذيب بالوكالة».
وقالت المجلة، فى تقرير نشرته الأربعاء، إن دعاة حقوق الإنسان فى مصر يرون أن التقرير لا يذكرهم فقط بدور مصر القديم فى كونها معقلاً للتعذيب الأمريكى، بل بالواقع الحالى، حيث لا تزال قوات الأمن تستخدم أساليب وحشية مع المعتقلين، على حد قولها. وأضافت: «فى نظر الناشطين فى مجال حقوق الإنسان، فإن إرث تعاون الوكالة الأمريكية مع الدولة المصرية مازال حياً فى الوقت الحالى بسبب استمرار انتهاكات قوات الأمن».
وتابعت: «مصر كانت إحدى الوجهات الرئيسية فى إطار برنامج وكالة الاستخبارات المركزية لنقل السجناء إلى دول أخرى لاستجوابهم، حيث تعاونت الوكالة مع أجهزة الأمن المصرية، فى عهد مبارك، والتى كان استخدامها واسع النطاق للتعذيب إحدى السمات المميزة للدولة الاستبدادية».
وأشارت المجلة إلى أنه على الرغم من أنه تم حذف أسماء البلدان المشاركة فى عمليات الترحيل والتعذيب من تقرير مجلس الشيوخ، فإنه طالما كانت هذه البلدان، والتى من بينها مصر، معروفة للجميع.
وأوضحت «تايم» أن الولايات المتحدة بدأت ترحيل الأشخاص، المشتبه بضلوعهم فى الإرهاب، إلى مصر فى عام 1995، فى عهد الرئيس الأمريكى، بيل كلينتون، مشيرة إلى أنه وفقاً لتقرير أصدرته مؤسسة «أوبن سوسايتي»، الأمريكية عام 2013، فإن «القاهرة وافقت على طلب واشنطن الانضمام إلى برنامج التسليم، وذلك لأنها ترغب فى الوصول إلى المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة».
ومضت المجلة تقول إن «عملية تسليم المعتقلين إلى مصر زادت بشكل واسع فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر عام 2001، ففى عام 2005، وافق رئيس الوزراء الأسبق، أحمد نظيف، على استقبال ما يقرب من 70 شخصاً، وذلك من إجمالى عدد معتقلين يقدر بحوالى 150 شخصاً».
ولفتت المجلة إلى أن مصر كانت وجهة لقضايا التسليم البارزة، موضحة أن قائمة المعتقلين الذين تم تسليمهم إلى مصر شملت حسن مصطفى أسامة نصر، والمعروف بـ «أبو عمر»، وهو مصرى كان مقيماً فى إيطاليا، وألقى القبض عليه فى أحد شوارع ميلانو عام 2003، ثم تم ترحيله إلى قاعدة رامشتاين الجوية الألمانية، ومنها إلى مصر، حيث اعتقِل سراً لمدة 14 شهراً وتعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية، وهناك حالة أخرى لمواطن أسترالى يدعى ممدوح حبيب، ألقى القبض عليه فى باكستان، واستجوبه عملاء أستراليون وأمريكيون، ثم تم ترحيله لمصر حيث تعرض للتعذيب.
وفى حالة أخرى، تم استجواب 2 مصريين، هما محمد الزيرى وأحمد عجيزة، اللذان طلبا اللجوء إلى السويد، وتم استجوابهما من قبل عملاء الـ«سى.آى.إيه»، حيث تعرض عجيزة للتعذيب عن طريق خلع ملابسه وتقييده بالأصفاد والسلاسل، ثم تم نقلهما جواً إلى مصر.
فيما ذكر التقرير أنه تم نقل على محمد عبدالعزيز الفخيرى، ليبى الأصل إلى مصر، حيث تم استخدام تقنية استجواب تسمى «الإيهام بالدفن» أو «الدفن الوهمى» للحصول على معلومات منه.
ويؤكد تقرير لجنة الاستخبارات - وفقاً لـ«تايم» - أن برنامج الترحيل السرى قوّض جهود إجبار الدول الأخرى على تغيير طريقة معاملتها للمعتقلين، حيث يسرد واقعة حدثت فى عام 2004، عندما أمر وزير الخارجية الأمريكى حينها سفير واشنطن فى دولة - تم حجب اسمها من التقرير - بحثّ هذا البلد على فتح سجونه للجنة الدولية للصليب الأحمر، وفى الوقت نفسه، كما جاء فى التقرير، فإن هذا البلد كان يحتجز المعتقلين سراً بناء على طلب وكالة الاستخبارات المركزية.