أحمد حمروش: ما يحدث فى العهد الحالى «ارتداد على الثورة»

الجمعة 24-07-2009 00:00

وصف أحمد حمروش، رئيس اللجنة المصرية للتضامن الأفروآسيوى وأحد الضباط الأحرار، سياسة الانفتاح الاقتصادى التى انتهجها الرئيس الراحل أنور السادات بأنها «كارثة» واتهمه بما سماه «تحطيم» القومية العربية، مؤكدا أن الفرصة لم تتح لسلفه جمال عبدالناصر لتطبيق الديمقراطية.

وقال حمروش، الذى أوكل إليه عبدالناصر، مهمة الاتصالات السرية بين مصر وإسرائيل بعد هزيمة 1967، ويعد أحد أبرز مؤرخى الثورة، فى حواره مع «المصرى اليوم»: «لم يبق من ثورة يوليو سوى مؤتمر عدم الانحياز»، مشددا على أن ما يحدث فى مصر حاليا من غياب العدالة الاجتماعية، وإدارة بعض رجال الأعمال للحكومة ما هو إلا ارتداد عن مبادئ ثورة يوليو.. وإلى نص الحوار:

■ ماذا تبقى من ثورة يوليو؟

- فى ديسمبر 1957 بادرت مصر إلى عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية مع الدول المستعمرة، وهو ما تبلورت فيه فكرة مؤتمر عدم الانحياز، الذى كان من مؤسسيه جمال عبدالناصر ونهرو وتيتو، واستضافت مدينة شرم الشيخ مؤخرا دورته الخامسة عشر، وهو ما منح مصر دورا رياديا إقليميا وعالميا، وهذا هو كل ما تبقى من ثورة يوليو الآن.

■ لكن المؤتمر كان نتيجة متغيرات سياسية وعسكرية ألمت بمصر ولم يكن ضمن مبادئ الثورة؟

- هناك متغيرات تجبرك على إعادة ترتيب أولوياتك، أما الذى بقى من مبادئ الثورة فهو حرص كل الرؤساء على تحقيق العدالة الاجتماعية.

■ وهل تحققت العدالة الاجتماعية؟

- بالطبع لا، لكنها ظلت ركنا أساسيا فى الخطاب السياسى الداخلى، فمنذ وصول الرئيس مبارك مثلا إلى الحكم، ظل حريصا على إعطاء الأولوية لمحدودى الدخل.

■ هل ترى التذكير بأهمية إعطاء مزيد من الرعاية لمحدودى الدخل كاف؟

- الرئيس مبارك ظل على قناعة بأن موارد الدولة يجب أن تسخر لتحسين أوضاع محدودى الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن فى فترة ما، أحاطت به شلة من أصحاب المصالح وأقنعوه بأن يترك رجال الأعمال يديرون الحكومة، وهو ما ترى مردوده الآن.

■ كيف تسمى ذلك فى ظل الحديث عن الثورة؟

- ما يحدث فى عهد مبارك الآن هو محض ارتداد على الثورة

■ فى نظرك متى بدأت هذه الردة؟

- بعد وفاة عبدالناصر، خاصة عندما قرر السادات – منفردا - تطبيق سياسة الانفتاح دون دراسة علمية، ثم بدأت الخصخصة وبيع أموال الشعب وأراضيه ومصانعه، وكل هذا يعتبر إلغاء لكل ما نادت به الثورة.

■ هناك مبادئ للثورة كان تأثيرها السلبى أكبر من الإيجابى مثل الإصلاح الزراعى.. ما تعليقك؟

- قانون تحديد الملكية حرر الفلاحين من التبعية للإقطاعيين، والسؤال الذى تطرحه لم يعد فى موضعه الطبيعى لأنك تحاسب قانون بعد توقف تطبيقه، ولو استمر تطبيقه لتحققت العدالة الاجتماعية التى نادت بها الثورة.

أما الآن فإن أصول الدولة نفسها تباع والمستثمرين المصريين والأجانب يملكون آلاف الأفدنة فى كل مكان فى مصر، فى ظل قانون تحديد الملكية، ورغم سلبيات الإصلاح التى يزعمها البعض، كان الناس يأكلون ويشربون، أما الآن فالوضع كما تنقله الفضائيات والصحف المستقلة، التى تصفها الحكومة دائما بـ«المضللة»، سيئ للغاية، ولا يستطيع أحد أن يقول إن هناك توزيعا عادلا للثروة أو موارد الدولة.

■ مبارك هو الرئيس الرابع فى تاريخ مصر بعد الثورة.. كيف تقيم تعامله معها؟

- عند مجىء الرئيس مبارك إلى الحكم كان يعرف جيدا الأخطاء التى ارتكبها السادات، لذا كان حريصا منذ البداية على إعادة العلاقات مع الدول العربية، وهو ما يندرج تحت بند تحقيق المشروع القومى العربى، ثم أكد على موقف مصر من عدم الانحياز، وزار عدة عواصم لدول عدم الانحياز بدأها بالهند، فى حين أن السادات وطوال فترة حكمه تجاهل تماما - لا ندرى عمدا أم سهوا - دول عدم الانحياز، وهو ما أثر على ثقل مصر فى المنطقة ومع دول العالم الثالث، وبالتالى فإن مبارك نجح فى إصلاح ما أفسده السادات، لكنه فى بعض الأحيان «زاد الطين بلة».

■ كيف؟

- إذا كان السادات أخطأ فى «الانفتاح»، فمبارك هو من سمح ببيع أصول الدولة.. وكلاهما كارثة.

■ كيف ترى «المشروع القومى» الآن؟

- حلم يجب ألا يغيب، وهناك مثل فرعونى يقول «تغرب شمس الإله رع لتشرق من جديد»، وإن كانت هناك صعوبات فى تحقيق هذا الحلم فيجب تجاوزها، وما فعله السادات ضيع تماما كل فرص تحقيق القومية العربية فى فترة حكمه.

■ بعض الضباط الأحرار طالب بعد الثورة بتسليم الدولة للمدنيين وعودة العسكريين لثكناتهم.. لماذا لم يحدث ذلك؟

- هذا كلام شائع لكنه غير صحيح، ولم يحدث.. ولابد أن نعرف أن مصر مرت بظروف عصيبة جدا بعد الثورة: الجلاء، العدوان، النكسة، وبالتالى لم يكن من السهولة بمكان تطبيق الديمقراطية.