مطب الجيش المصرى

هيثم دبور الجمعة 05-12-2014 21:19

أصبحت أتحسس طريقى أثناء قيادة سيارتى فى الطريق إلى المنزل، وإذا ما صادف أن كانت زوجتى أو أحد الأصدقاء إلى جوارى، فإننى أمسك المقود بيدى اليسرى فقط، تاركا مساحة ليدى اليمنى لوضعها كحاجز أمام من يجاورنى إذا ما صادفنا مطب مفاجئ فى أحد الشوارع لا نعرف عنه.. وهكذا أصبحت يمناى دائما قلقة بشأن الخطر الخفى لتلتهم نصف مساحة تركيزى غالبا، وهى عادة أكسبنى التخطيط فى مصر إياها.

منذ ما يزيد على 3 أعوام أنشأت القوات المسلحة كوبرى علويا فى بداية طريق مصر- السويس الصحراوى للقضاء على مشكلة الزحام فى الكيلو 4.5 سمته «كوبرى الجيش المصرى»، صاحب المشروع افتتاح مناسب، بحضور محافظ القاهرة وقتها عبدالعظيم وزير، وعدد من الأخبار التى تحدثت عن المشروع الذى ساهم بالفعل- كما يعلم كل من يسلك الطريق مثلى- فى تخفيف الزحام والعشوائية التى كانت تصيب المكان قبل إنشاء الكوبرى، وما سمح به المشروع من أن تنطلق على الطريق الصحراوى السريع بسيارتك دون معوقات أو تقاطعات قد تتسبب فى كوارث.

على اليوتيوب فيديو شهير قام مصوره بالوقوف بجوار مطب صناعى ليرصد مجموعة من السيارات المسرعة التى يتسبب أحد المطبات فى تلفيات لها، أو تتفاجأ تلك السيارات بالمطب، فتحاول الوقوف دون جدوى، المطب الذى قرر أحدهم، دون أن ندرى أو أن يخبر السائقين، بين ليلة وضحاها، تدشينه فى مطلع ومنزل كوبرى الجيش، وكأن القائمين على العمل تناسوا أن الهدف الأولى من الكوبرى هو تفادى الزحام المرورى فى بداية طريق صحراوى سريع، فأنشأوا المطب وتركوا للسائقين متعة المفاجأة، السائقين الذين سموا المطب فيما بعد «مطب الجيش المصرى»، الغريب أنهم أزالوه، ثم دشنوه ثانية، ثم أزالوه، ثم دشنوه وأزالوه، بينما أبقوا على لافتة المطب.

حين سألنى صديقى العائد حديثا من الخارج فى إحدى الرحلات التعليمية عما سيفعله حين يعود لمصر، لم أستطع أن أخبره بأن الطرق فى مصر ممهدة، ربما لهذا لا يستوعب الأكبر سنا تخوننا من المستقبل، رغم إيماننا بأن هناك طريقا يتوجب علينا أن نسيره، يعتبرون تلك المخاوف والسخريات تثبيطا للهمم وقتلا للعزيمة، وربما يزداد بهم الأمر لنزع رداء الوطنية عن هذا الجيل الذى ما إن رأى طريقا سريعا حتى أراد أن يقطعه جريا.

هناك طريق دائما.. لا نشك أن هناك طريقا، نراه فى المدى نهارا، لأننا لا نستطيع أن نراه ليلا بسبب انقطاع الكهرباء، نجرى فيه ممسكين بمقود القيادة بيد واحدة، بينما نُبقى الأخرى كحائط حماية لمن نحبهم ونخشى عليهم حتى لا يفاجئنا مطب لا نعرف متى يدشنونه ومتى يزيلونه.