العمال فى المصانع، والفلاحون فى المزارع، والعجائز حول نار «الركية» فى ليالى الشتاء ينتظرون ما لا يأتى، وجماعتنا، نخبتنا فى غيهم سادرون، يعمهون، يتقاتلون على الثورة، والبسطاء عنهم عازفون، حانقون، غاضبون، قانتون فى قعور البيوت، هل تتخيلون أن الفقراء الذين يبحثون عن الفتات فى قمامتكم يأبهون بكم، وقتالكم، واحترابكم، الناس تعبت، ملّت، وزهقت، قرفت، القدور تغلى فى البيوت بماء قراح وأنتم تقتتلون على ثريد الثورة ونصيب من بقرة الحكم.
الكل يتحدث باسم الشعب، والشعب يرفضكم، ويرفض أعمالكم، ويأنف زيفكم، ويزدرى عبثكم، العمال فى المصانع يترجون الله فى حق النشوق، الرواتب بطلوع الروح، والحوافز بالاعتصامات، والأرباح بالمظاهرات، والفلاحون فى المزارع يستجدون الزاد، وأسعار المبيدات بالغلاء والكوى، والزرع عطش، والبهائم صارت عجفاء، وأصحاب المعاشات صاروا فى الطرقات يتسولون عشانا عليك يا رب.
أتنتظرون ثورة الجياع؟.. ألا تخشون ثورة ستأكل الأخضر واليابس، أأمنتم ثورة شعب ثار مرتين، الشعب ولّف على الثورة، رجله جريت على الميادين، إلى متى تتناسون هذا الشعب؟ لستم أوصياء، الشعب قامت قيامته وعاد ليجنى ثمار ثورته، فلم يجد سوى هشيم تذروه الرياح، لا طال عنب ثورة 25 يناير، ولا بلح ثورة 30 يونيو، وجلس ينتظر صابرا وقانعا ومحتسبا.
لا تضغطوه زيادة بحروبكم الوهمية، ولا بنقاشاتكم العبثية، الناس عاوزة تاكل وتشرب، وولادى تلبس وتاكل، من يستمع إلى أنينهم، من يصيخ السمع إلى آلامهم، المستشفيات تكتظ بالمرضى، طابور الفشل الكلوى والكبدى لا تحده عين، الشعب عنده سكر وضغط، الفلاحون كعوبهم شققت من قسوة الأرض، ولسان العمال دلدل من قسوة الزمان.
من يتصور أن هناك معركة بين ثورة يناير وثورة يونيو مشتعلة فى منادر الفلاحين.. واهم، من يتخيل أن المعركة طاحنة فى الصعيد.. مخبول، حربكم الوهمية خلف أذن الفلاح الفصيح، يعرف مقصده جيدا، الصحة والستر ورزق العيال، ويقصدون فى غبشة الفجر بابا كريما.
سيادة الرئيس حذارِ، لا انحيازك لثورة يناير سيوفر وظائف للمتعطلين، ولا حدبك عن ثورة يونيو سيكفف دموع المحتاجين، أقصد هؤلاء، البسطاء، هم أولى بالقوانين والتشريعات، من يستحق أن تسترجى رضاه هو الشعب، أما هؤلاء المتقاتلون على الغنيمة فلا شأن لك بهم، يتبضعون، دعهم يتظاهرون.
قانون يجرم إهانة ابن الفلاح فى النيابة العامة هو الأبقى، قانون بتعيين الأوائل فى الحكومة لتشبيب (من الشباب) الجهاز البائس يريح الفؤاد، قانون التأمين الصحى الذى لا يفرق بين الفقراء والأغنياء هو الأصح للمرضى، قانون يرفع من استحقاقات المعاشات هو الذى يستر عورة الناس، صدقنى الناس حتى ساعته وتاريخه فى خندقك، لا تغادر خندق المحبين.