دعوة للنور

كتب: اخبار الثلاثاء 02-12-2014 20:43

تمر علينا الآن أوقات فى مصر أقل ما أستطيع أن أصفها به أنها عبث متنكر فى صورة عنق زجاجة!.. يكتظ يومنا بشرائط إخبارية سوداء كلها إما مسيئة للوجدان أو مهينة للعقل. ولا أعلم من يُلام ومن يوبَخ فى هذا!..فنحن نعيش فى ثقافة الكذب المبرر.. نحن نعيش فى ثقافة الإنكار والمداراة.. وأن الخطأ المغطى ليس بخطأٍ.. الإثم طالما بعيد عن الأعين فهو ممدوح.. ثقافة لىّ الحقائق.. ثقافة التبرير من أجل المصلحة والمنفعة.. ولا يقف أحد ليتساءل عن جدوى استعمال نفس الأساليب إن كانت لا تؤدى للغرض المراد!!

إذا كانت هناك أسبابٌ عديدة أوصلتنا لما نحن عليه من ترد وانتحار ومرض فأقول إنه من بين الأسباب الكذب والإنكار والافتراء.

وستر الخطأ لا يُخلص من بلية بل يزيدها توغلاً وعمقا.. نحن لم نحقق شيئا منذ يناير2011.. علينا أن نقر بهذا. فقط حلمنا بأشياء عظيمة كانت مدفونة فى مقابر يأسنا المغطاة برماد المستحيل.. فقط حلمنا بحريات وبثورة تعبيرية، وبحكم شعب مستنير بكرامة لإنساننا.. كرامة عقله ووجدانه، وحقه فى الاختيار والحياة.. حلمنا بعيدا عن واقعنا المحصور والمضغوط. واستيقظت أحلامنا العالية على واقع كابوسى حيث اللامفهوم واللاواضح حيث اللغط، وحيث سجناء غير إرهابيين، وحيث إرهابيون منطلقون، وحيث ضيق العيش والغلاء، وحيث وحش داعشى ينتظر أن يبتلعنا!!..

تنظر حولك تتلمس إجابة ما، فلا تجد إلا بضاعة الكانتو فى برامج التوك شو، وأخبار الكذب على مواقع التواصل، وتسريبات من زمن فات لأحدهم، ولا تعرف حقيقة من باطل فى أى شىء ولا تجد نخبة موثوقا فيها لتفكر معك أو تأخذ بيدك.. مثقفونا يثرثرون بلغط لا يُشبِع ولا يسد رمق العقل، وتقف حائراً لا تدرى إن كان هناك من يقف فى صف بلدك وأناسك.. فحرب البلبلة حرب عدائية.. حرب الكذب حرب طروادية..

فلماذا لا تجد حقيقةً ممن توسمت فيهم الصراحة ولا تجد صدقاً ممن توسمت فيهم الأمانة والوعى.. نحن لا نتعلم من أخطائنا ومازلنا نؤخذ فى فخاخ الكبرياء المتصور أنه واع لدرجة لا يسقط فيها.. طمأنينة زائفة مغرورة.. لا تبنى ولا تُنهِض.. هكذا نقضى أيامنا فى خبرٍ تلو الآخر ما بين مانشيت وفيات وحوادث وسرطانات وانتحار شابة يئست وبطالة وعوز.. كأن جرادنا يأكلنا ويأكل الجميل فينا.. كأن سلطان القبح مطلق له العنان.. كأن لعنة تصورنا أننا محصنون منها وإذ بها تدير وجهها لنا.. لست مع اليأس ولن أمسك بيده مهما تعلق بى، ولكنى أكتب كى استحثنا على المواجهة والمصارحة والكشف والمطالبة.. إنها دعوة للنور.. لعل الظلمة لا تدركنا!!

تريز جبران

therese.gobran@gmail.com