«مشروع إسكان الشباب» تحول إلى بيزنس للشركات العقارية

الأحد 19-07-2009 00:00

أثار ارتفاع أسعار الوحدات السكنية فى المشروع القومى للإسكان الاجتماعى ضمن مشروع مبارك لإسكان الشباب استياء المستهلكين الشباب من «محدودى الدخل»، واعتبروا أن هذه الوحدات غير متوافقة مع هدف المشروع الاجتماعى، فى ظل تمسك معظم الشركات المطورة للمشروع بهامش ربح مبالغ فيه يصل فى بعض الأحيان إلى 70 %، خصوصا أن أراضى المشروع تم الحصول عليها من وزارة الإسكان بأسعار رمزية .

وفى الوقت الذى اعتبرت فيه الشركات أن تكلفة إنشاء البنية التحتية، والمرافق والتقيد بمساحات محددة للبناء، عامل أساسى فى ارتفاع أسعار الوحدات العقارية، قال خبراء عقاريون إن المشروع القومى فقد هدفه الأساسى، وهو تقديم وحدات سكنية لمحدودى الدخل من الشباب، تحول إلى بيزنس للشركات العقارية، التى بالغت فى أرباحها .

وأضاف الخبراء أن وحدات المشروع لا تناسب محدودى الدخل، وفى الوقت نفسه لا تتوائم مع أصحاب الدخول المتوسطة، نظرا لمساحتها المحدودة التى تصل إلى 63 مترا فقط، فى حين أن الإسكان المتوسط يعتمد على الوحدات السكنية من 120 مترا إلى 300 متر .

ولمعرفة الواقع الفعلى للوحدات السكنية بمشروع مبارك لإسكان الشباب نعرض لنموذج من الوحدات المعروضة للبيع بالمشروع وهو نموذج الحى الايطالى «1» بمدينة 6 اكتوبر والذى يضم 46 عمارة سكنية أرضى و5 أدوار، داخل «كومباوند» تجمع سكنى، وتبلغ مساحة الشقة الواحدة 63 مترا نصف تشطيب، بسعر 147 الف جنيه، ويتم خصم 25 الف جنيه دعما حكوميا للحاجزين ليصل سعر الشقة الى 122 الف جنيه، يتم دفع 10 آلاف جنيه دفعة حجز، و4750 جنيها دفعة تعاقد وتخصيص،

على ان يتم تقسيط المبلغ بدون فوائد «حسب تأكيدات قسم المبيعات بالشركة» على أربع سنوات بما يعنى أن الشاب سيدفع 27 الف جنيه سنويا اى ما يعادل 2200 جنيه شهريا، على ان يتم التسلم بعد عام من تاريخه، هذا بخلاف الوحدات المميزة الاخرى والتى يصل سعرها الى 186 الف جنيه .

وقالت سها النجار خبيرة اقتصادية بشركة فاروس للاستثمار إن أسعار الوحدات السكنية بمشروع مبارك للإسكان مبالغ فيها جدا، وغير مناسبة للشباب، والأقساط مرتفعة ولا تناسب الدخل الشهرى للعملاء المنتظرين بهذا المشروع، مشيرة إلى أن الشركات المطورة للمشروع تحصل على هامش ربح يتراوح ما بين 60% الى 70 %، وعلى هذه الشركات ان تقلل من هامش ربحها ليصل الى 20 % كحد اقصى، وان كانت بعض الشركات مثل اوراسكوم للفنادق والتنمية هامش أرباحها منطقى إلى حد ما.

وأكدت أن المشروع يحتاج إلى تمويل ودعم لإتمام عملية الشراء، خاصة ان معظم الطلب على السوق العقارية والمقدر بـ 500 ألف وحدة سكنية سنويا، ليس لديهم القدرة المالية على شراء وحدة سكنية، او سداد الأقساط على مدار 3 سنوات .

وقالت إن شروط التمويل العقارى لا تنطبق على جميع الراغبين فى الشراء خصوصا أن قطاع كبير من المصريين يعملون فى القطاع غير الرسمى ومواردهم بسيطة وغير ثابتة، وحتى لو توافرت الشروط فإنه لا يوجد تمويل منخفض لشراء العقارات، ومتوسط الفائدة يصل الى 10.5 % .

وطالبت بتنوع المنتجات العقارية بحيث تناسب جميع الشرائح الاجتماعية، وأن يتم تفعيل التمويل العقارى بشكل كبير خاصة أن حجمه حاليا لا يتعدى 3.5 مليار جنيه، فى حين ان المستهدف يصل الى 40 مليار جنيه . وأوضحت أن سعر الوحدة العقارية يزيد على دخل الأفراد حوالى 7 مرات، وهذا مرتفع جدا ففى حين يصل سعر الوحدة إلى 100 ألف جنيه مثلا، فإن متوسط دخل الأسرة لا يتعدى 40 % من ثمن الوحدة، وليس من المنطقى ان تدفع الاسرة 90% من دخلها السنوى لشراء شقة على مدار 15 سنة، وذلك مرجعه ارتفاع أسعار الفائدة، وأسعار الوحدات العقارية نفسها .

وقال الدكتور حسين جمعة رئيس جمعية الحفاظ على الثروة العقارية إن الوحدات العقارية فى مشروع إسكان مبارك للشباب والتى نفذتها 50 شركة «قطاع خاص» لا تناسب الشباب ولا محدودى الدخل، بسبب ارتفاع اسعارها بشكل مبالغ فيه، فالشقة مساحة 63 مترا بالمشروع وصل سعرها الى 150 الف جنيه فى الوقت الذى لا تتعدى تكلفتها 70 الف جنيه بأى حال من الأحوال .

واضاف ان بعض الشركات تعرض وحدات عقارية بسعر 95 الف جنيه، وذلك بهدف جذب العملاء، وعند طلب هذا النموذج تجد انه تم بيعه، ولا يوجد إلا النماذج الأخرى مرتفعة السعر .

وأكد أن هامش ربح هذه الشركات مرتفع جدا ولا يتناسب مع التكلفة، خاصة ان أراضى المشروع ممنوحة من الدولة بأسعار رمزية، وكان يجب على وزارة الاسكان ان تلزم هذه الشركات ببيعها بسعر محدد، لتؤدى دورها الاجتماعى .

واشار الى ان الطلب على هذه الوحدات ضعيف جدا، لأن القدرة المالية للشباب من محدودى الدخل لا تتناسب مع هذه الأسعار، مدللا على ذلك بزيادة الاعلانات عن هذه المشروعات، لافتا الى ان بعض الإعلانات «مضللة» حيث يتحدث الإعلان عن دفع 5 الآف و700 جنيه شهريا ، ثم يفاجأ المستهلك بأنه سيدفع 5 الاف حجزا، و10 آلاف دفعة تعاقد، و10 آلاف اخرى دفعة تسلم، ودفعات أخرى سنوية .

من جانبه قال المهندس عبد المجيد جادو خبير التقييم العقارى أن أسعار المشروع غير مناسبة للشباب تماما، وخرج المشروع عن هدفه الاجتماعى الأساسى، بسبب رغبة الشركات فى تحقيق هامش ربح يصل الى 70%، كما ان نظم التمويل العقارى المطبقة تضاعف ثمن العقار ثلاث مرات، فمن يقترض 100 الف جنيه، يجد نفسه يسدد حوالى 280 الف جنيه بعد انتهاء الأقساط .

واعتبر أن الطلب على المعروض من هذا المشروع ضعيف جدا فى بسبب ارتفاع أسعار الوحدات، وعدم ملاءمة هذه المساحات الصغيرة «63 مترا» للفئات المتوسطة التى تفضل الوحدة السكنية التى تبدأ من 100 متر الى 300 متر، بمعنى آخر فالوحدات المطروحة لم توفر متطلبات الإسكان الاقتصادى ولا المتوسط .

واوضح انه لابد من توفير أنماط من الوحدات السكنية تناسب القدرة المالية لمحدودى ومتوسطى الدخل، فهذه قضية أمن قومى يجب ان تراعيها الدولة وتوفر للشباب وحدات سكنية بسعر جيد، حتى لا تصبح قنابل موقوتة، يمكن أن تنفجر فى أى وقت .

وفى المقابل نفى ممدوح عبد الوهاب مدير علاقات المستثمرين بشركة اوراسكوم للفنادق والتنمية توقف المبيعات بمشروع الشركة ضمن مشروع مبارك لإسكان الشباب بسبب ارتفاع أسعار الوحدات، مؤكدا ان الشركة باعت خلال العام الماضى 3 الاف وحدة سكنية من اجمالى 10 آلاف وحدة .

واشار الى ان مبيعات الربع الأول من العام الجارى بلغت 450 وحدة سكنية، معتبرا ان الانخفاض جاء نتيجة الأزمة العالمية، والتى أثرت سلبا على القطاع العقارى ومنه الاسكان الاقتصادى، لافتا الى ان بعض المستهلكين أجلوا قرار الشراء إلى ما بعد الأزمة الحالية، موضحا أن المشروع عبارة عن مدينة سكنية متكاملة تضم جميع المرافق الأساسية والخدمات.