«حوار طرشان» سياسي بين بابا الفاتيكان و«أردوغان» حول «الإرهاب والإسلاموفوبيا»

كتب: عنتر فرحات الأحد 30-11-2014 20:23

لفت المحللون إلى أن الزيارة البابوية الأولى إلى تركيا، شهدت «حوار طرشان» سياسيا بين البابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، المدافع عن تحالف الأديان ضد الإرهاب، والسلطات في أنقرة التي ركزت على التنديد بالكراهية للإسلام «الإسلاموفوبيا».

وفقا للخبراء، التباين كان صارخا في القصر الرئاسي التركي الجديد الفخم والمثير للجدل، لما يعكسه من ترف وبذخ، حيث ظهر التشنج على بابا الفاتيكان، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رغم الترحيب وتبادل الابتسامات، فأدلى كل منهما بتصريحاته بدون حصول تبادل حقيقي.

ولخص الأب فديريكو لومباردي، المتحدث باسم الفاتيكان، الوضع للصحافة بأسلوب دبلوماسي قائلا: «البابا تحدث من منظور رعوي، فيما ألقى الرئيس أردوغان خطابا سياسيا بامتياز».

وخطاب البابا فرنسيس كان لبقا لكنه حازم، فشدد على موقع تركيا «كجسر طبيعي» بين الغرب والشرق، وعلى الدور النموذجي المتوجب أن تلعبه في مجال الحوار بين الثقافات.

وأشار البابا الأرجنتيني الجنسية، إلى عدم إعطاء وضع قانوني للمؤسسات التي تمثل الأقلية المسيحية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد أفرادها الثمانين ألف نسمة في تركيا.

وقال الأب لومباردي إنه باختياره أن يتحدث في خطابه بقوله «نحن المسيحيين والمسلمين، استخدم صيغة قوية جدا».

وكما فعل في الأردن، في مايو الماضي، دعا البابا إلى الحوار بين الطوائف ليكون درعا في وجه الأصولية في وقت يجند فيه عناصر تنظيم «داعش» العديد من الشبان المتشددين ويحتلون أجزاء واسعة من الأراضي العراقية والسورية عند أبواب تركيا.

وعلى خطى سلفه البابا السابق، بنديكت السادس عشر، شدد خورخي برغوغليو، خلال زيارته تركيا على أن «الحوار بين الأديان يجب أن يكون خلاقا ويجد أشكالا جديدة للتعبير»، حسب الأب فديريكو.

وقال الأب أنطونيو سبادارو، مدير مجلة «سيفيلتا كاتوليكا» اليسوعية: «البابا مقتنع تماما بالدور السياسي للديانات، ويود أن يشمل النزاعات والأوضاع الصعبة».

من جهة أخرى مغايرة تماما، قام أردوغان بمرافعة شرسة ضد تنامي الكراهية للإسلام واضطهاد المسلمين في الغرب و«إرهاب الدولة» الذي يمارسه نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وإسرائيل في قطاع غزة، وهو خطاب هجومي للغاية ظهر فيه الإسلام في دور الضحية، فيما لم يتحدث سوى عن التجاوزات التي تعرض لها المسيحيون في العراق أو سوريا.

وبنفس اللهجة، انتقد محمد قرمز، رئيس مجلس علماء تركيا، ما أسماه بـ«الهوس المعادي للإسلام» للقيام بـ«ضغوط كثيفة وعمليات تهويل وهجمات على أشقائنا وشقيقاتنا الذين يعيشون في الغرب»، وإن كان قرمز ندد بالأعمال «غير المقبولة على الإطلاق» في العراق وسوريا، فقد نسبها قرمز إلى «نفوس جريحة»، وهي طريقة للإشارة مرة أخرى إلى مسؤولية الغرب في تنامي الأصولية الإسلامية.

أما البابا الوفي لعاداته، فامتنع عن إعطاء نصائح صريحة إلى أردوغان حول السياسة الواجب اتباعها في النزاعين السوري والعراقي أو في بلاده بالذات تجاه الأقلية المسيحية، لكنه مرر رسائل لا لبس فيها كما قال المونسنيور باسكال غولنيش مدير جمعية «عمل الشرق».

وقال المونسنيور جولنيش إن «السلام ليس ممكنا إن لم يتم التطرق إلى مسائل الحريات»، بما في ذلك في تركيا، وأضاف: «هذا ما قاله البابا بعبارات دبلوماسية لكن بوضوح، أن تغلق المدرسة الأكليركية للبطريركية الأرثوذكسية، وألا يكون للكنيسة الكاثوليكية وضع قانوني في تركيا، أمر «غير مقبول»، كذلك بالنسبة للحروب في الشرق الأوسط، لفت جولنيش إلى أن «النفوذ الذي يمكن أن تلعبه تركيا« أكد عليه البابا فرنسيس، بالنسبة للفاتيكان «تبدو تركيا بوضوح أحد مفاتيح التهدئة».