مارسيل خليفة.. مطرب الوعى الممسوس بالشعر

الخميس 16-07-2009 00:00

«أرى نورًا فى أفق بعيد أسعى إليه بمشروعى الفنى.. وإذا استطعت أن أحمل غيرى على أن يرى هذا النور أكون فرحاً جداً».. بهذه الجملة يلخص الموسيقار والمطرب اللبنانى مارسيل خليفة رؤيته للفن، هو الذى وهب حياته وفنه لنصرة القضايا الوطنية والإنسانية بداية من القضية الفلسطينية التى انطلق منها ليرصد قضايا إنسانية أخرى تنتصر للحرية والجمال والسلام والمحبة وعموم القيم النبيلة.

معروف بروحه الثورية وموسيقاه العذبة وكلماته الواعية وأدائه الصافى، عشقه الجمهور العربى، إلا أنه ظل بعيداً عن سوق الغناء أو تجارة الأغنية «لست معنياً بما يدور فى هذا السوق، ويمكن أننى لم أتحقق بشكل كبير فيه وهو أمر أيضا لا يعنينى كثيراً، بسبب موقفى الرافض لما تقدمه الفضائيات الغنائية التى لا تحترم نفسها ولا من تتوجه لهم».

لأنه يقدم أغنية ذات طابع خاص، فجمهوره أيضا له طابع خاص، وإن كانت أغانيه انتشرت بشكل كبير، وتغنى بها الشارع العربى فى أكثر الظروف قسوة، خاصة بعد الحرب اللبنانية الأهلية، وأثناء الانتفاضة الفلسطينية، إلا أن جمهوره الأكبر يظل متركزاً فى الفئات الواعية يقول مارسيل «أغنى للناس.. أحاول أن أزرع زهرة فى بستانهم.. وأرفض تماماً تحجيم رسالتى فى إطار النخبة».

«ريتا والبندقية» «أحن إلى خبز أمى» «منتصب القامة أمشى» «جواز السفر» وعدد آخر من قصائد الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش تغنى بها مارسيل لفترة طويلة، لدرجة أن البعض راح يربط بين المطرب والشاعر وكأنهما ثنائى يقول «محمود درويش كان صديقاً غاليًا، وبرحيله شعرت بخسارة فادحة على المستوى الشخصى، خسارة لى بحكم صداقتنا، كما أن رحيله كان خسارة للعالم العربى، بل للعالم كله، لأنه كان شاعراً إنسانياً بالأساس».

تعامل مع شعراء كثيرين تغنى بأشعارهم ومنهم قاسم حداد الذى تعرض معه لأزمة فى البحرين، بعد أن قدما سويا أوبريت «مجنون ليلى» وثار ضدهما نواب فى البرلمان اعتبروا العرض الراقص يحمل إيحاءات جنسية فأصدر الشاعر والمطرب بيانا عنوانه «جئنا لنعلن الحب» يستنكران فيه الإرهاب الفكرى الذى تعرضا له، وهو ما عانى منه مارسيل سابقا بعد الأزمة الشهيرة لأغنيته «أنا يوسف يا أبى» وعن هذه الأزمات وتأثيرها على مشروعه الفنى يقول «الفن لا يعترف بهذه العوائق.. فهو ينشد الحرية ويجسد طاقة أمل.. يحلم دائما بعالم أفضل».

تقديم الفن من منظور تنويرى وثقافى رسالة صعبة تصدى لها مارسيل ومن أجلها يسافر ويتنقل بين عواصم العالم ليقدم فنه «لا أهدأ، كل يوم تجدنى فى مكان يوم فى تونس وآخر فى المغرب..

ومن بيت الدين إلى مهرجان قرطاج ومن باريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية أنا فى حالة حركة دائمة وأقدم حفلاتى دون توقف وأسطواناتى موجودة منذ فترة طويلة فى أماكن كثيرة بالعالم إلا أنها لم تدخل مصر مع الأسف إلا منذ عام فقط».

التجديد فى الموسيقى وإدخال الآلات الغربية من أهم سماته، وبالاضافة الى كونه يغنى ويعزف على العود ويؤلف الموسيقى ويقود الأوركسترا يبدو أن احتكاكه بالشعراء جعله يصاب بمس الشعر «أحب الكتابة وأكتب الشعر، لدى ديوان مجموعة من الكتابات النثرية والشعرية أنوى أن أصدرها قريباً فى ديوان».

بهذه الروح التواقة الساعية للحرية والمخترقة للحواجز والحدود يستمر مارسيل فى مشروعه، ليحقق شهرة عالمية، ربما لم يحظ بها فى الوطن العربى، ومنحته منظمة اليونسكو عام 2005 لقب «سفير السلام».