حكمت المحكمة: قرار محلب بمنع عرض «حلاوة روح» باطل

كتب: شيماء القرنشاوي, علوي أبو العلا الأربعاء 26-11-2014 05:03

بعد معركة قضائية استغرقت شهورا، واعتبرها كثيرون رمزا للصراع بين سطوة الدولة فى وقف عمل فنى وبين حرية الفن، رغم الاتهامات التى طالته بـ«خدش حياء المشاهدين»، قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يحيى دكرورى، نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عبدالمجيد المقنن وسامى درويش، نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار وزير الثقافة بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للثقافة رقم 286 لسنة 2014، بسحب الترخيص الصادر بعرض فيلم «حلاوة روح» ووقف عرضه بجميع دور العرض السينمائية.

وأشارت المحكمة إلى أن حكمها لم يتعرض للأسباب التى ساقتها جهة الإدارة كمبرر لإصدار القرار، وإنما افتقر حكمها الصادر فى الشق العاجل من الدعوى على بيان مدى مشروعية القرار من ظاهر الأوراق.

وأكدت أن كل جهة إدارية عليها واجب التقيد بحدود اختصاصها، وليس لها أن تنتحل اختصاصاً لم يمنحها القانون إياه، ولا أن تسلب جهة إدارية أخرى اختصاصها.

وبين الحكم أن القانون رقم 430 لسنة 1955 لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية أخضع تصوير وعرض وإصدار تراخيص المصنفات السمعية والبصرية عرضاً عاماً وتداولها وبيعها وتأجيرها للرقابة على المصنفات، مؤكدا أن القرار المطعون فيه بسحب ترخيص الفيلم ومنع عرضه صدر من وزير الثقافة بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للثقافة وشابه عدم الاختصاص.

وأوضحت المحكمة أن حرية الفكر والإبداع الأدبى والفنى لا توجد ولا تتحقق إلا إذا أتيحت حرية التعبير بوسائل ووسائط التعبير كافة، وأن إخضاع الأعمال الفكرية والأدبية والفنية للحجب بمعرفة جهة الإدارة يترتب عليه أن ما يظهر علنا من أفكار أو آراء أو إبداع أدبى أو فنى سيقتصر على ما ترضى عنه جهة الإدارة أو تسمح به، وإن من لم ترض جهة الإدارة عن أفكارهم فإن حقهم فى التعبير سيتردد بين التقييد أو المنع أو التسامح بحسب تقدير جهة الإدارة، وهذا الأمر ينتقص من حق وحرية المفكر والأديب والفنان كما ينال من حق الجمهور فى تلقى الآراء والأفكار والفنون والآداب بحرية دون وصاية على عقله ودون أن يفقد حريته فى الاختيار والانتقاء.

واستعرضت المحكمة مواد الدستور الجديدة التى كفلت حرية الرأى وحق كل إنسان فى التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير، وإلزام الدولة بحماية الإبداع وحظر رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الأدبية والفكرية والفنية.

من جانبه علق المنتج محمد السبكى على الحكم، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، وقال: «ربنا رفع الظلم عنى، وأخرس ألسنة الناس الشمتانين فى مصادرة فيلمى، والقضاء المصرى نزيه وعادل، ولا يقبل الظلم الذى وقع علىَّ والذى كبدنى خسائر وصلت إلى 25 مليون جنيه، نتيجة منع الفيلم وسرقته وعرضه على شاشات الفضائيات فى قرصنة لم تتحرك لها الحكومة ووقفت متفرجة».

وأضاف السبكى: «سأعرض الفيلم فى الأيام المقبلة بجميع دور العرض فى كل أنحاء مصر لأسترد حقى، ولكى يشاهد الناس النسخة الأصلية، بدلًا من النسخة المسروقة التى قرصنت على الفضائيات».

وتابع: «قوتى الإنتاجية تأثرت بالطبع نتيجة وقف عرض الفيلم قبل أشهر، ونتيجة للخسائر التى حدثت معى، وهى ليست مادية فقط، بل معنوية أيضا، لكن الحكم بالسماح بعرضه سيزيدنى إصرارا على الإنتاج ومواصلة ما أقدمه للسينما المصرية».

وأشار السبكى إلى أنه لن يرفع قضايا على من قام بقرصنة الفيلم، لأنهم ليسوا متواجدين داخل مصر، فبث هذه القنوات الفضائية من الكويت، والبحرين، والإمارات، وبعض الدول العربية والخليجية، وقال: «لكننى أحمل الحكومة أن توقف هذه القرصنة مثلما أوقفت عرض فيلمى».

وقال نقيب السينمائيين، مسعد فودة: إن نقابة المهن السينمائية ساندت منتج الفيلم منذ اللحظة الأولى لمنعه، مشيرا إلى أن القضية أصبحت قضية رأى عام، وليست قضية فيلم منع أو تمت مصادرته، موضحا أن النقابة تدخلت فى القضية بمحاميها من أجل الحفاظ على الإبداع ولعدم هدم الفن، ولصالح العملية الثقافية فى مصر.

وأضاف: ما حدث من منع للفيلم كان قضية مجتمع وحقا دستوريا فى الفن والإبداع، وبالحكم الذى صدر بحق السبكى فى عرض الفيلم، فهذا انتصار للمبدعين والفن المصرى، وللسينما كلها.

وقال الناقد السينمائى طارق الشناوى إن الحكم الذى صدر بالسماح للمنتج محمد السبكى بعرض الفيلم هو تصحيح لأخطاء الدولة التى وقعت فيها، وتصحيح للخطأ الذى وقع فيه رئيس الوزراء إبراهيم محلب، مشيرًا إلى أنه تصحيح أيضا للخطأ الذى ارتكبته لجنة التظلمات بوزارة الثقافة بتأييد ومنع ومصادرة الفيلم.

وأضاف الشناوى: دائما ما يصحح القضاء النزية الأخطاء التى تقع فيها الحكومات، لكن هذا الخطأ الذى ارتكبه محلب هو قضاء على الفن والإبداع، حتى وإن اختلفنا على قوة الفيلم، فأنا أول من كتب عنه وقلت إنه فيلم ردىء، لكن ذلك لا يعطينا الحق فى هدم الإبداع.

وتابع: أول مرة فى تاريخ مصر تقف لجنة للتظلمات بوزارة الثقافة، أمام الإبداع والثقافة، وقد كنت أحد الأشخاص الذين حضروا لقاء رئيس الوزراء محلب والمثقفين، وحدث تهديد بأنه إذا لم يصادر هذا الفيلم، سيحاولون إقصاءه، ومن حق السبكى أن يطرح الفيلم فى دور العرض مرة أخرى، حتى وإن تمت قرصنته وعرضه على شاشات الفضائيات.