«رويترز»: موجة «الجهاد» في تونس تختبر تجربتها الديمقراطية الناشئة

كتب: رويترز الجمعة 21-11-2014 12:33

اختار اللاعب الشاب لنادي النجم الساحلي، ومنتخب تونس لكرة القدم، نضال السالمي، التخلي عن زي منتخب بلاده الأحمر والأبيض ليستبدله بزي آخر هو سترة واقية من الرصاص ورشاش كلاشنيكوف على الكتف وعلم «الجهاد» الأسود.

السالمي، 21 عاماً، تحول من ملاعب كرة القدم، التي تميز فيها باندفاعه وروحه القتالية العالية إلى ساحات القتال، حين انضم إلى جماعات تقاتل ضد قوات الرئيس السوري، بشار الأسد.

خلف تحول السالمي، الذي يقول والده إنه علم بمقتله، في أكتوبر الماضي، من كرة القدم إلى ساحات القتال صدمة كبرى خصوصاً لدى أنصار ولاعبي فريقه الذي يحظى بشعبية واسعة في البلاد وخارجها، إلا أن ذلك أبعد ما يكون عن غير المألوف في تونس، التي أصبحت توفر أكبر عدد من المقاتلين في صفوف التنظيمات الإسلامية المتشددة في سوريا والعراق مثل تنظيم «داعش».

ووفقا لتقديرات حكومية فإن نحو 3 آلاف تونسي يقاتلون في صفوف «داعش» وتشكيلات أخرى على علاقة بتنظيم «القاعدة» تضم أيضاً مقاتلين من آسيا وأوروبا وإفريقيا تماماً مثلما حدث سابقا في أفغانساتان والعراق.

ولكن سقوط نجم كرة قدم صاعد كان بإمكانه أن يحترف اللعب في أوروبا، وينحدر من عائلة ثرية وفرت له كل شيء بما في ذلك سيارة فاخرة في مستنقع القتال في سوريا يظهر مدى سيطرة موجة الانجذاب «للجهاد» على عقول شباب في تونس وشمال إفريقيا عموما.

وموجة الجهاديين واحتمال عودة المقاتلين المخضرمين إلى البلاد تؤرق تونس، الذي يتجه نحو إكمال آخر مراحل الانتقال الديمقراطي، بعد ثورة 2011، التي أنهت حكم زين العابدين بن على.

وشارك أبناء شمال إفريقيا ومن بينهم التونسيون في حروب خارجية من الشيشان إلى العراق، ولاتزال السجون العراقية تضم عددا غير قليل من التونسيين الذين قاتلوا هناك، ولكن الأزمة الآن بصدد التشعب والتعقد في تونس ولا تخلوا أخبار الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية في تونس من الإعلان عن وفاة تونسيين يقاتلون في سوريا من أجل ما يعتقدون أنه قضية عادلة، يتركون لأجلها أمهاتهم وزوجاتهم، وأحيانا أبناءهم يواجهون مصيرا مجهولاً.

وغالبية المقاتلين التونسيين إما طلبة أو عاطلون أو من طبقات متوسطة لا مشاكل مادية لديهم أو من مناطق نائية ولكن نقطة الالتقاء بينهم هي إحساسهم بالتهميش وسقوطهم فريسة سهلة بين أيدي شبكات متشددة، تستقطبهم وتستغل تربة خصبة، هي الحرية التي أتاحتها الثورة منذ 4 سنوات.

وتلقي كثير من العائلات اللوم بدرجة أولى على الحكومة التي قادتها حركة «النهضة» الإسلامية، وتتهمها بالتقصير والتخاذل مع المتشددين الإسلاميين الذين برزوا بشكل أكبر وسيطروا على مئات المساجد والمراكز الدينية في البلاد لنشر خطابت متشددة بعد الثورة، ولكن« النهضة» دافعت عن نفسها كثيرا وقالت إن حكومتها تصدت للجماعات «الجهادية» وشنت حربا ضدها، وتدلل على ذلك بأن حكومتها صنفت «أنصار الشريعة» تنظيما «إرهابياً».

وتكافح تونس، منذ 2011، التشدد الديني مع بروز جماعات دينية راديكالية إضافة للجدل المستمر حول دور الإسلام في السياسة، واحتدم هذا النقاش العام الماضي عندما سقطت تونس في أزمة سياسية كبرى بعد أن اغتال مسلحون تقول الحكومة أنهم من جماعة «أنصار الشريعة» المحلية 2 من زعماء المعارضة العلمانية، لكن تونس تمكنت بعد ذلك من تصحيح مسار انتقالها الديمقراطي بعد المصادقة على دستور جديد واجراء انتخابات برلمانية، وانتخابات رئاسية أيضا هذا الأسبوع.