الرهبنة بين الأمس واليوم

كتب: اخبار الخميس 20-11-2014 18:25

الرهبنة التى نشأت على أرض مصر وعُرفت باسم الرهبنة القبطية، بدأت بإنسان أمين ومخلص مع الله هو القديس أنبا أنطونيوس، واسمه منتشر فى جميع أنحاء العالم. هذا الإنسان سمع – فى الكنيسة – قول السيد المسيح لتلاميذه: (من أراد أن يكون كاملاً، فليذهب ويبع ما له ويأتى ليتبعنى).. لم يتردد فى تنفيذ قول السيد المسيح وخرج إلى البرية للعبادة وليبتعد عن الناس، ويلتصق بالواحد (الذى هو الله). اليوم من يلتحق بالرهبنة وبعد فترة اختبار تُقام عليه «صلاة الموتى»، وتتم تغطيته بستر أسود علامة الموت الكلى عن العالم، فمنذ هذه اللحظة صار ميتاً عن العالم.. عاش الآباء الرهبان قديماً على هذا المبدأ وبهذا الإخلاص وبهذه التقوى، حتى إنه عندما كانوا يقيمون أسقفاً للإسكندرية – الذى يحمل بعد ذلك لقب «بطريرك» – كانوا يواجهون مقاومة شديدة من الرهبان حتى إنهم كانوا يقيدونهم بالسلاسل إلى الإسكندرية ليقيموه أسقفاً عليه. لهذا كانوا يعيشون بتقوى حقيقية وبساطة بل واستمرار فى الحياة الرهبانية التى خرجوا من أجلها من أجل خلاص أنفسهم. ماذا حدث اليوم؟ الأساقفة الآن يشتهون الكرسى البطريركى!! البطريرك والأساقفة يحتفلون بأعياد ميلادهم!! وأيضاً أعياد رسامتهم!! وتمتلئ صفحات الصحف بالتهانى!! بل والأكثر من ذلك عندما يمرض الشعب الفقير ليس أمامه إلا العلاج بداخل المستشفيات الحكومية لعدم توافر المال لديهم، بينما رجال الدين يتلقون علاجهم بالخارج!! أذكر فى فترة البابا كيرلس السادس، البطريرك 116، كان فى كثرة أمراضه يُعالج بداخل مصر، وكان الرئيس جمال عبدالناصر من كثرة حبه وشفقته على البابا الجليل يرسل وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية!. ومن العجب أن نسمع من أسقف طنطا الحالى – فى حوار تليفزيونى مع السيد عمرو أديب – أن الفرق بين الراهب والأسقف هو فى غطاء الرأس!! للأسف ضاع المفهوم الرهبانى الصحيح وقت أن تكالب الأساقفة على الكرسى البطريركى!!. المقر الذى يُقيم به البطريرك كان يُسمى «القلاية البطريركية» لأن الذى يقيم بداخله هو راهب حقيقى لا يشتهى شيئا من الدنيا سوى «القلاية» التى يؤدى فيها صلواته. اليوم أصبحت قصورا بداخل مصر وخارجها فى أوروبا وكندا وأمريكا!! لن يترأف الله على شعبه إلا فى وسط الأتقياء الذين يعبدون الله بالروح والحق!!.

د. مينا بديع عبدالملك – أستاذ الرياضيات الهندسية بهندسة الإسكندرية

minab@aucegypt.edu