فى الوقت الذى أعلن فيه عدد من الحركات والقوى الثورية عن سعيها لتنظيم فعالياتها لإحياء الذكرى الثالثة لأحداث محمد محمود، التى راح ضحيتها نحو 50 متظاهراً ومئات المصابين قبل 3 سنوات، ظهرت بعض الأصوات من قِبَل جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية تؤكد سعيهم للعودة للتظاهر بجانب ثوار 25 يناير من خلال استغلال ذكرى محمد محمود، الأمر الذى أكده قيام عدد من المتظاهرين المؤيدين للرئيس السابق محمد مرسى، فى منطقة المطرية، يوم الجمعة الماضى، برفع لافتة كتب عليها: «اعتذار أبطال محمد محمود.. توقيع: الإخوان المسلمين»، فى محاولة منهم لكسب تعاطف شباب الثورة، والاعتذار إلى شباب الثورة الذين استشهدوا بشارع محمد محمود، خلال الضغط على المجلس العسكرى حينها بسرعة تسليم السلطة للمدنيين.
الناشط السياسى زيزو عبده، عضو جبهة طريق الثورة، أحد المشاركين فى تنظيم فعاليات ذكرى محمد محمود، رفض بشكل قاطع وجود أى نية لقبول أى اعتذارات -إن وجدت- من جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها، مشيرا إلى أن ذكرى محمد محمود هى «مساحة خاصة للثوار» يصعب عليهم فيها قبول أى مشاركات من أنصار تنظيم الإخوان بسبب «عدم إمكانية التصالح على الدم».ووصف «عبده» بيانات جماعة الإخوان المسلمين ولافتات مؤيديها فى المظاهرات التى تدعو إلى التصالح مع شباب الثورة حول أحداث شارع محمد محمود بـ«الاعتذارات المقنعة بهدف إحداث نوع من التقارب مع القوى الثورية»، «الانسحاب من الميدان، تبرير الدم، السعى نحو البرلمان» هذه الأسباب الثلاثة، حسبما يقول «عبده»، هى سبب رفض الثوار قبول أى تفاهم أو تصالح مع تنظيم الإخوان المسلمين حول موقفهم من الاشتباكات التى راح ضحيتها العديد من المتظاهرين خلال اشتباكهم مع رجال الأمن.
«أحداث محمد محمود هى الحدث الأعظم منذ ثورة 25 يناير حتى الآن»، هكذا يقول عبده، ويضيف وهو يحاول استرجاع مواقف جماعة الإخوان المسلمين، بعد إعلانهم الانسحاب من المظاهرات: «الإخوان باعونا فى الميدان بسبب سعيهم نحو البرلمان، وماينفعش دلوقتى فى ذكرى تخليهم عنا يحاولوا الرجوع فى مواقفهم التى لم ولن ننساها».
عن الفعاليات التى من المزمع إجراؤها فى ذكرى محمد محمود، قال عبده: «أعتقد أن الفعاليات لن يتم تنظيمها بشكل جيد بسبب المخاطر المتصاعدة من قِبَل الجهاز الأمنى، وسنحاول عدم التواجد فى محيط الأمن لتجنب وقوع أى اشتباكات أو خسائر».
«اعتذار الإخوان لا يعنينا، ولا يمكن القبول بعبارات مكتوبة على لافتة رفعت فى إحدى المظاهرات على أنها اعتذار، لأنها مجهولة الهوية، ولذلك لن نلتفت إليها»، بهذه الكلمات بدأ محمد كمال، المتحدث الإعلامى لحركة 6 إبريل، حديثه حول قيام عدد من المتظاهرين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين برفع لافتات تدعو إلى الاعتذار لشباب الثورة المشاركين فى المظاهرات بشارع محمد محمود.
وأضاف عضو المكتب السيسى للحركة: «الإخوان يجب أن يعتذروا للمصريين وليس للثوار فقط، وكل من أخطأ فى حق البلد من الإخوان يجب عليه الاعتذار قبل الحديث عن أى مبادرات أو مشاركات مع شباب الثورة».
وحول التقارير الصحفية المتداولة عن وجود تنسيق بين بعض الحركات الثورية وتنظيم الإخوان بشأن فعاليات ذكرى محمد محمود قال كمال: «طريقنا واضح، ولا حياد عنه، نحن نسعى لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير التى لم يتحقق أى منها حتى الآن، والإخوان المسلمون ارتكبوا أخطاء جسيمة يصعب معها أى مصالحة أو تنسيق،
بسبب «الظروف المختلفة» التى تمر بها مصر فى هذه الأيام، قررت حركة 6 إبريل مع عدد من الأحزاب والحركات السياسية، تنظيم مؤتمر صحفى بنقابة الصحفيين، اليوم الأربعاء لإحياء ذكرى محمد محمود، والمطالبة بالقصاص، مع عدم المشاركة فى الفعاليات والأنشطة الميدانية، الجهات المنظمة للمؤتمر أعلنت فى بيان، يوم الاثنين الماضى، عن تنظيم وقفة صامتة على سلم نقابة الصحفيين، بحضور عدد من الشخصيات العامة ومصابى وأهالى شهداء محمد محمود. وذكر البيان، الذى حمل توقيع أحزاب الدستور، ومصر القوية، وحركة 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، أنه رغم مرور 3 سنوات على ذكرى محمد محمود الأولى، فإن الجناة لم يتلقوا عقابا حتى الآن.
للمرة الثالثة بعد وفاة ابنه، قرر محمود أحمد، والد الشهيد أحمد، 23 سنة، أول شهداء شارع محمد محمود، النزول مرة أخرى والوقوف أمام مجمع التحرير فى نفس المكان الذى لفظ فيه ابنه أنفاسه الأخيرة، فى محاولة منه لاستعادة آخر المشاهد التى رآها ولده الشهيد: «ماينفعش الإخوان ينزلوا معانا، لأنهم فرطوا فى حق شهدائنا، واعتذارهم غير مقبول، ومازلنا منتظرين القصاص من الدولة».
فى مساء يوم السبت 19 نوفمبر عام 2011، اجتمع عبدالناصر قطب مع ولديه إبراهيم وإسماعيل للمرة الأخيرة لمتابعة مشاهد الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن فى شارع محمد محمود بالتليفزيون، وعلق حينها إبراهيم على الأحداث قائلا: «إيه الظلم ده يا بابا شايفهم بيضربوا إزاى» مطالباً مع أخيه التوأم إسماعيل بالنزول إلى الميدان، قبل أن يرد والدهما على الفور: «انزلوا لما الدنيا تهدا أنا لسه بدرى إنى آخد لقب أبوالشهيد». بالمزيد
فى شارع «عيون الحرية»، كما يحب أن يسميه، وقف محمد جابر صلاح الشهير بـ«جيكا»، ذو الـ17 ربيعًا، الطالب حينها بمدرسة الخديوية بالصف الثانى الثانوى، للمرة الأخيرة «باحثا عن الحرية» التى رأى أن جماعة الإخوان المسلمين تحيد عنها حينما كانت فى السلطة، الأمر الذى دفعه للنزول فى ذكرى اشتباكات شارع محمد محمود للمطالبة بحقوق من سبقوه إلى الآخرة، دون أن يدرى أنه سيلحق بهم بعد ساعات. بالمزيد