«تحيا مصر» رمز فلا تخنقوه!

سليمان جودة الثلاثاء 18-11-2014 21:11

ماذا عن آخر أخبار صندوق «تحيا مصر» الذى قال الرئيس، يوم إنشائه، إن طموحه أن تصل التبرعات فيه إلى مائة مليار جنيه، وأنه، أى الرئيس، لن يرضى بأقل من هذا المبلغ؟!

كم جمع الصندوق حتى اليوم؟! هل جمع النصف.. الثلث.. الربع.. أم أقل؟!.. ولماذا سكت الكلام عنه، ولم نعد نسمع له حساً ولا خبراً؟!

إننى أخشى أن يصيبه ما يصيب أشياء كثيرة فى مصر من إهمال، ومن نسيان!

لقد قيل، فى وقت من الأوقات، إن تقريراً شهرياً منتظماً سوف يصدر عنه عند نهاية كل شهر، وسوف يُقال فى هذا التقرير كل شىء، بحيث يكون المصريون على دراية كاملة، وأولاً بأول، بكل صغيرة وكبيرة فى الموضوع.

وها هو شهر من بعدها قد مر.. ومن ورائه شهر آخر، فثالث.. ثم رابع.. ولم يكلف أحد خاطره بإصدار التقرير الشهرى إياه، ولا خرج إنسان علينا ليقول إن الصندوق بدأ بـ«كذا» ووصل اليوم إلى «كذا».. وإنه سوف يواصل تلقى تبرعات القادرين فى البلد، لا تبرعات رجال الأعمال وحدهم، إلى أن يصل إلى كيت.. وأن «كيت» هذا هو المبلغ الفلانى بالقرش والمليم!

لم يحدث شىء من هذا أبداً، بما قد يوحى لبعضنا.. أقول قد يوحى.. بأن الموضوع على بعضه غير جاد، وأنه، لهذا السبب، لم يعد أحد يتكلم فيه!.. وهو إيحاء يجب أن نبدده فى كل لحظة، إزاء كل قضايانا الجادة.

ثم.. لقد قيل، فى وقت من الأوقات، أيضاً، إن صندوق 306306 سوف ينضم إلى «تحيا مصر»، وأنهما سوف يصبحان صندوقاً واحداً.. فهل حدث شىء من هذا؟!.. وإذا كان قد حدث فمتى؟! وكم جمع الصندوق الأول؟! وإذا لم يكن قد انضم للثانى فأين أمواله؟!

لا أعرف كيف يفوت على المسؤولين المعنيين بالأمر أهمية الإجابة الواضحة، وبشفافية كاملة، عن تساؤلات ضاغطة كهذه، فى وقتها، دون تأخير.. ولا أعرف كيف يفوت على مسؤولينا، ممن تعنيهم المسألة، أن المواطنين وثقوا فى «تحيا مصر» كما لم يثقوا فى صندوق مماثل من قبل، وأنهم يفرقون، تماماً، بينه وبين أى صندوق شبيه سابق، خصوصاً ذلك الصندوق الذى جمع فيه «الشيخ» محمد حسان أموالاً بهدف الاستغناء عن المعونة الأمريكية، ثم اختفى الصندوق مع الأموال مع الشيخ حسان نفسه!!

اختفى الصندوق، بأمواله وبشيخه، رغم كثرة التساؤلات، وإلحاحها الذى لم يتوقف، دون أن يتطوع مسؤول فى البلد، لوجه الله وحده، ويقول لنا أين ذهبت فلوس صندوق تبرعات الشيخ حسان!

إن هذا الصمت المريب حول عشرات الملايين التى جمعها الصندوق، يكاد ينطق بأن الذين يصمتون إنما اقتسموا أمواله، فيما يبدو، مع الشيخ حسان!.. وإلا.. فلماذا الصمت، ولماذا عدم الكلام، ولماذا الإصرار على عدم توضيح الشأن كله للناس؟!

أما «تحيا مصر» فهو شىء مختلف طبعاً، غير أن اختلافه هذا يحتاج إلى تفاعل متواصل ومنتظم، من جانب القائمين عليه، مع كل مصرى، حتى يحس الملايين بأنهم شركاء فيه، وإن لم يتبرعوا له، وحتى يكونوا شركاء أيضاً فى توجيه حصيلته، فى النهاية، إلى مشروع واحد كبير يعيش، ويكبر أكثر، ويصبح رمزاً!

الصندوق يمثل أملاً، أكثر منه مجرد فكرة، ولابد أن نسقى هذا الأمل، باستمرار، وأن نجعله يداعب أعين ونفوس المصريين على الدوام.

«تحيا مصر» رمز.. فلا تخنقوه!