أنت فلول وإخوانى وأمريكانى وصهيونى وعميل وجاسوس وطابور خامس وسادس

نيوتن الأحد 16-11-2014 21:22

بالإضافة إلى كل ما يحمله العنوان، من اتهامات جاهزة ومعلبة وسابقة التجهيز، فى حالة أى خلاف شخصى، أصبح هناك أيضا السب بالأب والأم، واللى جابوه واللى خلفوه، على الهواء مباشرة، من خلال فضائيات أصبحت متخصصة فى استضافة هذه النوعية من البشر، بل من نجوم المجتمع. الغريب أنهم أصبحوا نجوماً من خلال هذه السوقية فى القول والفعل! اعتاد المشاهد هذه الألفاظ وتلك الممارسات، لدرجة أنه أصبح يتعامل معها كأمر واقع، لم يعد ينكرها بقدر ما أصبح يبتسم فى رد فعل أشبه بالكوميديا. وأصبح معلوماً للجميع أن هذا الضيف مسخرة، أو أن هذا المسؤول غير محترم، أو أن هذا النجم قليل الأدب، وربما ضم كل هذه الأوصاف، إلا أنهم يصرون على استضافته، وهو يصر على أنه من النخبة، رغم اعترافه هو شخصياً بأنه قليل الأدب وغير محترم ومسخرة.

■ ■ ■

ما الذى حدث لمصر وللمصريين. علماء النفس والاجتماع يجب أن يقوموا بدورهم فى هذا الشأن. بالتأكيد جرت تغييرات جذرية فى المجتمع المصرى خلال السنوات الأربع الماضية. فيما يخص الأخلاق بالدرجة الأولى. فيما يتعلق بالمزاج العام. فيما يتعلق بالحالة النفسية للمواطنين ككل. العنف والإرهاب والغياب الأمنى والانفلات الإعلامى، وغياب الدولة الرسمية لفترة طويلة، كلها عوامل ساعدت فى تفشى هذه الممارسات. كانت فى السابق لا تتعدى المناطق العشوائية، أو المقاهى الشعبية، أو حتى أسواق المواشى. الآن نجد أن مصطلح البذاءات يمشى بيننا فى صورة بدلة وكرافات. يخرج علينا من إحدى القنوات التليفزيونية بتوصيف سيادته، أو حضرته، وربما معاليه، وما هى إلا ثوانٍ معدودة وينضح ذلك القاموس المعيب بكل المفردات السوقية، التى تنم عن أصل النشأة والتربية.

■ ■ ■

بدا واضحاً أن هذه القضية الأزمة. فى أولويات القيادة السياسية. مجلس مستشارى الرئيس ضم أحد أهم علماء الاجتماع فى مصر. بالتأكيد ليست مصادفة. بالتأكيد هناك هدف من وراء ذلك. من المهم أن نشعر بذلك على الطبيعة. على أرض الواقع. حتى الآن لم تحصل هذه القضية على حقها فى الدراسات. عدد كبير من مقدمى برامج التوك شو بصفة خاصة حذوا هذا الحذو. أصبحوا هم أيضا يستخدمون طوال الوقت تعبيرات لا تليق. لا يمكن القبول بدخولها البيت المصرى. لم نجد وقفة جادة من المسؤولين عن ضبط الأداء الإعلامى. حتى هيئة الاستثمار، المسؤولة عن التراخيص، كان يجب أن يكون لها موقف. من الطبيعى أن تنتقل العدوى من الفضائيات إلى الشارع، إلى مواقع العمل، إلى البيوت والعائلات. الأطفال جاهزون للاستقبال والنقل. ولمَ لا، إذا كان الكبار كذلك؟!

■ ■ ■

ما غاب عن حساباتنا طوال الوقت فى هذه القضية أن غيرها من القضايا الأخلاقية الأخرى يرتبط بها ارتباطا وثيقا. لن نستطيع أبدا الفصل بين عمليات التحرش، التى يعانى منها الشارع وبين هذا السلوك النخبوى. لا يمكن أبدا أن نظل نتحدث عن تربية النشء تربية صالحة ونحن بهذا السلوك. نسبة كبيرة من طلاب المدارس والجامعات أصبحوا جزءا من هذه المنظومة. يرددون طوال الوقت ما نضح به هذا الألمعى أو ذاك. على امتداد الشارع أصبحت هذه المصطلحات جزءا من منظومة الحياة اليومية. كل ذلك لأننا لم نتخذ الموقف الملائم سريعا لتدارك هذا الأمر. اتسعت دائرة الفوضى حتى أصبحت الاتهامات جزافية. أصبح الجميع معرضين للابتزاز، للتعريض بالسمعة، بالشرف، بالعائلة، بالمستقبل.

للأسف، هى مجموعة ضئيلة التى آلت على نفسها استخدام مثل هذه الأساليب، إلا أن تأثيرها كان قاسياً. بصفة خاصة على الشرفاء الذين يرفضون الانحدار إلى هذا المستوى.