المسيرى.. عالم موسوعى مولود من رحم النكسة

الجمعة 03-07-2009 00:00

مثل جميع العلماء المسلمين الأوائل كان المسيرى غزير الإنتاج، ممنهج الفكر، وموسوعيًا، بالإضافة إلى إسهاماته فى كافة فروع الفكر السياسى والاجتماعى والاقتصادى والأدبى وكتابة الطفل، وُلد فى دمنهور 1938 وتلقى تعليمه الابتدائى والثانوى، والتحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعُين معيدًا فيها، ثم كانت رحلته العلمية الفارقة إلى الولايات المتحدة عام 1963 حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964من جامعة كولومبيا،

وأثناء حصوله على درجة الدكتوراه كانت نكسة 1967 التى اعتبرها أكبر ملهم له لمعرفة الفكر الصهيونى والدولة اليهودية، وحصل على درجة الدكتوراة بعد النكسة بعامين ثم قرر العودة لمصر ليقوم بالتدريس فى جامعة عين شمس.

اهتم المسيرى فى مشوار حياته بالموضوع اليهودى والصهيونى، وأصدر أول كتبه قبل نصر أكتوبر بعام وهو «نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيونى»، أتبعها بكتاب «موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية» عام 1975 والذى يعتبر النواة الأولى للموسوعة الكبرى عن الصهيونية والتى قضى فيها 25 عاما تقريبا، إلا أنه فى تلك الفترة وقبل انتهائه منها أصدر كتبًا أخرى مثل «الأيديولوجية الصهيونية: دراسة حالة فى علم اجتماع المعرفة» و«أرض الوعد: نقد الصهيونية السياسية».

قرار إصدار الموسوعة كان مجرد محاولة من المسيرى أن يُحدِّث موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية وتصور أن عملية التحديث قد تستغرق عامًا أو عامين، ولكنه اكتشف أن رؤيته فى هذه الموسوعة كانت تفكيكية، وأن المطلوب رؤية تأسيسية تطرح بديلاً.

فكانت الثمرة أنه بعد حوالى ربع قرن نشر موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيرى جديد» عام 1999 فى 8 مجلدات، أتبعها بعدة كتب فى نفس الموضوع من أهمها البروتوكولات واليهودية والصهيونية» و«فى الخطاب والمصطلح الصهيونى» و «من هم اليهود؟ وما هى اليهودية؟ أسئلة الهوية وأزمة الدولة اليهودية» .

تُرجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفارسية والتركية والبرتغالية. وستصدر هذا العام سيرته غير الذاتية وغير الموضوعية، رحلتى الفكرية. كما سيصدر كتاب باللغة العربية والإنجليزية والعبرية بعنوان «دراسات فى الصهيونية».

اشتبك المسيرى مع الشارع السياسى وتقلب بين عدة أفكار، فبدأ حياته سعديا ثم انضم للإخوان ثم هيئة التحرير ثم الحزب الشيوعى ثم محاولة تأسيس حزب الوسط وانتهاء بكفاية، والتى كانت مشاركته فيها محل سخط من النظام الذى ظل معاديا له إلى بعد وفاته، فلم تهتم الدولة بعلاجه من السرطان وسافر للخارج للعلاج على نفقة بعض الأمراء العرب،

وقد نال الدكتور المسيرى عدة جوائز من بينها جائزة أحسن كتاب فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2000 عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ثم فى العالم التالى عن كتاب رحلتى الفكرية، وجائزة العويس عام 2002 عن مجمل إنتاجه الفكرى، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 2004.

احتفى به عدد من تلاميذه والدارسين لأعماله الفكرية، وزاد الاهتمام بأعمال الدكتور المسيرى فصدرت عدة دراسات عن أعماله، من أهمها: فى عالم عبد الوهاب المسيرى، وكتاب تكريمى بعنوان عبد الوهاب المسيرى فى عيون أصدقائه ونقاده، ضمن سلسلة «علماء مكرمون» لدار الفكر بسوريا.

كتب المسيرى سيرته الذاتية بعد إصابته بالسرطان وقدمها عام 2001 فكان أمينا مع نفسه بوصف السيرة بغير الموضوعية، حيث وضع عنوانًا لها «رحلتى الفكرية/ فى البذور والجذور والثمر: سيرة غير ذاتية غير موضوعية»

توفى فجر يوم الخميس 29 جمادى الأخرى 1429 هـ الموافق 3 يوليو 2008 بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر يناهز 70 عاما بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وشيعت جنازته ظهرا من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة. وشارك فى صلاة الجنازة آلاف المصريين، إضافة إلى عشرات العلماء والمفكرين.