في عام ١٨٢٧ وفى عهد محمد على باشا وبناء على اقتراح تقدم به كلوت بك الفرنسى أنشئت مدرسة الطب في مصر، وألحقت بمستشفى أبوزعبل الذي كان يضم ٧٢٠ سريراً، وقد اختير للمدرسة مائة طالب وقد رتب لكل طالب مائة قرش شهريا، فضلا عن الطعام وكان هؤلاء هم الدفعة الأولى من طلبة المدرسة، وتم استقدام أساتذة من أوروبا لتدريس الطب والتشريح والجراحة والأمراض الباطنة وعلم الصيدلة والطب الشرعى.
وقد ألحق بالمدرسة مدرسة أخرى خاصة للصيدلة ألحقت بها حديقة لزرع كل ما ينبت بالأرض من نباتات طيبة كما ألحق بالمدرسة مدرسة خاصة بالقابلات والولادة (الدايات) وبعد ذلك بواحد وعشرين عاما في عام( ١٨٤٨) تم إدخال المخدر (البنج) إلى مصر، وتم استعماله وذكرت «الوقائع المصرية» أنه بتاريخ أول رجب من هذه السنة وصل من أمريكا أول دفعة من البنج واستعمله كلوت بك في عمليات جراحة خاصة، كما استعمله في بتر ساق أحد المرضى دون إحساس بأي ألم.
أما (البنج أو المخدر) فاسمه العلمى هو الكلورفورم (أو ثلاثى كلوروميثان)، وهو سائل عديم اللون كثير التبخر ومخدر ومذيب جيد لمختلف المواد الكيميائية، وله رائحة خفيفة مميزة، وهو من المواد الخطرة لكونه مخدرًا،وكان يستعمل في تخدير المرضى عبر استنشاقه، وهو يعد، إلى جانب مخدر «الهالوثان»، واحدًا من أفضل مواد التخدير لكونه يتميز عن باقى المواد المخدرة الأخرى بأنه يضمن تخديرًا سريعًا مريحًا وهادئًا، ولا يحدث نزفًا للشعيرات الدموية، إلا أنه يسبب اضطرابًا في وظائف الكبد، كما يحدث غثيانًا واضطرابات كلوية، ويحظر استخدامه في الكثير من البلدان في الأغذية والعقاقير.
وفى عام ١٨٣١اكتشف ثلاثة كيميائيين كل على حدة مادة الكلوروفورم، وهم الفرنسى «يوجين سوبيران والألمانى جوستوس فون ليبيك والأمريكى صموئيل جوثرى، و«زي النهاردة» في ١٢ نوفمبر ١٨٤٧ عرض البريطانى السير جيمس يونج سمبسون على الجمهور كيفية استخدام الكلورفورم كبنج جراحى. وبعد ذلك بعام استخدمه كلوت بك في مصر في جراحة استئصال ساق أحد المرضي أما عن سيرة جيمس يانج سمبسون فهو مولود في ٧ يونيو ١٨١١ في أسكتلندا، وهو طبيب أمراض نساء أسكتلندى وأول من استعمل الكلوروفورم التخدير أثناء عملية الولادة.
وقد واجه استعمال الكلوروفورم عند الولادة معارضة شديدة، ورغم ذلك تم تعيين جيمس سمبسون كطبيب للملكة البريطانية في سنة (١٨٤٧)، ثم حصل على لقب بارون سنة ١٨٦٦.وقد شهدت هذه الطريقة رواجا، خاصة بعد أن استعملته الملكة فيكتوريا أثناء ولادة ليبولد سنة ١٨٥٣. وعلى إثر ذلك ساعدت الملكة في استصدار الموافقة على استخدامه في الطب مسكنًا للألم ومخدرًا عامًا.