تظل بنت البلد هى الشخصية الأقرب إلى قلب جميع الممثلات، لذلك تتمنى كل ممثلة أن تصادفها هذه الشخصية أكثر من مرة فى مشوارها التمثيلى باعتبارها بوابة مرور من تنجح فى تجسيدها إلى قلوب الجماهير.
ويعتبر النقاد دور بنت البلد هو الاختبارالحقيقى لقياس موهبة الممثلة، فإذا نجحت فيه امتلكت قصرا فى مملكة التمثيل، وإذا فشلت تدخل برجليها سجن الأدوار المكررة، لذلك كتبت هذه الشخصية نهاية كثير من الممثلات وفى المقابل كتبت نفس الشخصية مولد ممثلات أصبحن فيما بعد علامات فارقة على شاشة السينما وفى التليفزيون.
عدد قليل من الممثلات نجحن فى تجسيدها بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وتأتى فى مقدمتهن الراحلة معالى زايد التى نجحت فى تجسيد الشخصية باقتدار حتى إنها كانت أول ممثلة يرشحها المخرجون لأداء الدور.
ورثت معالى عشق الفن عن أسرتها فوالدتها الممثلة آمال زايد وخالتها الممثلة جمالات زايد وشكلت حالة فنية متفردة اتسمت بالمزاجية الشديدة، وهو ما أثر على حياتها الزوجية، وكان سببا فى انفصالها سريعا، فكانت عندما تصاب بالاكتئاب نتيجة عدم العثور على دور مناسب تلجأ إلى ريشتها تخرج همومها فى لوحاتها، وإذا وجدت الدور تترك الريشة وتعيش معه حالة من التوحد طوال مدة التصوير، فلم يكن حلمها تكوين ثروة مالية بقدر أن يحمل رصيدها فى بنك التمثيل المئات من الأدوار والشخصيات المهمة، لذلك ورغم بدايتها الفنية المبكرة فى منتصف الثمانينيات لا يتناسب عدد الأدوار التى قدمتها مع حجم موهبتها ولا تاريخها الفنى فقد كانت تختار أدوارا بمعايير دقيقة تعتمد فيه على إحساس الممثلة المعجونة بماء التمثيل.
تخرجت معالى فى كلية التربية الفنية ثم معهد الفنون المسرحية، بدايتها الفنية كانت تليفزيونية، وكان أول أعمالها هو مسلسل (الليلة الموعودة) أمام محمود مرسى، و«عيلة الدوغرى» أمام عماد حمدى والثلاثية مع المخرج الراحل يوسف مرزوق ومن أعمالها أيضا مسلسلات مثل (دموع فى عيون وقحة) مع عادل إمام و(الحاوى) وعطفة خوخة وحلم الليل والنهار والدم والنار وامرأة من الصعيد الجوانى وحضرة المتهم أبى وابن الأرندلى وموجة حارة، عملت فى المسرح أيضاً فى مسرحيات (سكر زيادة) و(زقاق المدق) و(أنا والحكومة).
بدأت معالى زايد فى السينما عام 1987، وكان أول أفلامها فيلم (وضاع العمر يا ولدى)، كونت مع النجم محمود عبدالعزيز ثنائيا فنيا ولعبا بطولة أكثر من فيلم للمخرج رأفت الميهى ومن أبرز أعمالها السينمائية البيضة والحجر، سيداتى آنساتى، قصر الشوق، السادة الرجال، والشقة من حق الزوجة، والسكاكينى، والعربجى، وكتيبة الإعدام، والفرن، وبيت القاضى، والصرخة، ومثلما فاجأت معالى الجمهور والنقاد على حد سواء بموهبتها الفطرية فاجأتهم أيضا بمرضها المفاجئ الذى دخلت معه فى صراع قصير ثم رحيلها، ولكن مثلها من أصحاب المواهب الحقيقية لا يرحلون.