ساعدت الحكومة المصرية على إيجاد المستشفيات لاستقبال جرحى الحرب ووضعت تحت تصرف الإنجليز مبانى كثيرة لتكون مستشفيات للجنود، رغم إهمال المئات الذين أصيبوا بالخارج ولم يجدوا من يقف إلى جانبهم ومات منهم الكثيرون.
وقدم الأطباء المصريون خدماتهم للقوات البريطانية وتواجدوا على الحدود، وفى جميع المدن وجدت هذه المستشفيات، وازدادت فى منطقة القناة (الإسماعيلية والقنطرة وبورتوفيق وبورسعيد ورومانة والمحمدية) حيث الجبهة الحربية، وتحولت المدارس إلى مستشفيات فى كل مكان واستخدمت بعض الفنادق كمستشفيات، وأشهرها «هليوبولس بلاس» مقر الرئاسى الحالى الذى تحول لاستقبال الجرحى الإستراليين.
وقامت السكك الحديدية المصرية بنصيب وافر من تخفيف آلام الجرحى والمصابين بميادين القتال فأعدت قطارات خاصة مجهزة بكافة المعدات التى تتطلبها راحة المرضى، وكانت هذه القطارات فى نظامها واستعدادها كمستشفيات كاملة غير أنها متنقلة، وخصصت هذه القطارات للمرضى والمصابين القادمين من ميدان غاليبون والميادين الأخرى، ونقلهم من ميناء الإسكندرية إلى فندق هليوبولس مباشرة، حيث يتحول سير القطار على خط ترام مصر الجديدة لتوصيل الجرحى إلى مستشفيات الجيش بهليوبولس.
وخصص كازينو سان استيفانو كمستشفى عسكرى، لإنزال المرضى والجرحى الهنود، وعلى طول النيل حتى أسوان أصبحت الفنادق الفاخرة مستشفيات عسكرية إضافة إلى المستشفيات الأصلية ومنها مثلا أعطت إسبتالية الجيش بالقاهرة بكامل معداتها إلى فرقة النيوزيلانديين وقدمت جمعية الهلال الأحمر المصرية قطارات مجهزة بكل ما يلزم لراحة الجرحى.
وذكر مراسل التايمز فى القاهرة آنذاك إن مصر تلقت آلافا عديدة من جرحى البريطانيين ومرضاهم الذين استفادوا من مناخها الصحى ومن كرامة المصريين فى المساعدة.
وقدمت الجمعية أموالا فى إقامة مستشفيات وساعدت الحكومة المصرية الصليب الأحمر فى حث الناس بالتبرعات ورحبت السلطات الإنجليزية بذلك الأمر.
وراح السير مكماهون نائب الملك يخطب فى حفلتين بالقاهرة والإسكندرية وساعده سعد زغلول فى إلقاء كلمة ووصل الاكتتاب إلى حوالى 100 ألف جنيه، وماساعد على ذلك الإقبال هو الرهبة من الأحكام العرفية وتنفيذها، وكان المصريون أنفسهم آنذاك فى حاجة ماسة إلى المعونة، وليس من العدل ولا الإنسانية أن يحض الناس على التبرع لجرحى الإنجليز فى حين أن فقراء الأمة من العمال العاطلين وغيرهم كانوا على حالة كبيرة من الجوع والبؤس.
واتبعت الحكومة المصرية طريقة الإجبار لتدير الأموال اللازمة التى لم يتيسر الحصول عليها بطريقة التبرع واستعملت وسائل الإكراه، ففرضت على كل قرية أن تدفع مبلغا معينا من المال وبلغ ما دفعته مصر للصليب الأحمر 320 ألف جنيه جمعت قسراً.