مليون و200 ألف جندى مصرى مجبرون على خدمة بريطانيا في الحرب العالمية الأولى

كتب: ميلاد حنا زكي الأحد 09-11-2014 21:24

انتشر الرعب فى نفوس البسطاء بكل ضواحى البلاد بسبب التجنيد الإجبارى للشباب الذين يتم استخدامهم فى حرب «لا ناقة لهم فيها ولا جمل» وكان الناس يعلمون أن من يتم تجنيده لن يعود، وجند الإنجليز الآلاف من الفلاحين والشباب من كل مكان، لذا خيم الحزن على البلاد، وكانت تلك السخرة الإجبارية سبباً من أسباب قيام ثورة 1919.

ونشرت صحيفة «رائد العمال» الإنجليزية فى 3 إبريل عام 1919 تقريراً يقول: «كان الكرباج هو الوسيلة الوحيدة لتسخيرهم، لا خيام ولا تغذية، فضلاً عن قلة الغطاء، والأمراض التى تركوها تفترسهم افتراساً، لقد كانوا يموتون كالذباب فى الصحراء، وكثيراً ما رفض السماح لهؤلاء المجندين بالعودة إلى بلادهم حتى بعد انتهاء مدة خدمتهم».

ويقول اللورد ملنر، فى تقرير له عن أسباب ثورة 1919:«إن المستشفيات التى كان يمرض فيها هؤلاء العمال لم تكن على ما يرام».

ويؤكد ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا السابق، أن الخدمة الطبية للفلاحين المصريين سواء فى فرقة العمال أو الجمالة كانت ناقصة وغير كافية.

ويكتب أحد الأطباء فى الحرب ويدعى «جست» فى صحيفة دايلى نيوز:«إنه لسوء تغذيتهم وملبسهم وعدم وجود مستشفيات كافية ورداءة أحوالها كانت نسبة الوفيات بينهم عالية جدا».

ويشير المؤرخ عبدالرحمن الرافعى إلى مأساة المصريين قائلا: «كانوا يعاملون معاملة المعتقلين وما هم بالمذنبين، يربطون بالحبال ويساقون كالأغنام ويقام عليهم الحراس وينقلون بالقاطرات فى مركبات الحيوانات ويعاملون أسوأ معاملة ولا يعتنى أحد بصحتهم ولا بغذائهم وكانوا يوعدون بأن يستخدموا لمدة محددة ثم تمد على الرغم منهم، ومات كثيرون منهم فى ميادين القتال أو فى الصحراء بسيناء والعريش أو فى العراق وفرنسا وأصيب كثير منهم بالأمراض والعاهات التى جعلتهم عاجزين عن العمل». ويقول الكاتب الأمريكى جورج كريل فى صحيفة «Legppe» فى 27 سبتمبر 1919: «لقد سيق مليون ومائتا ألف من المصريين إلى الخدمة فى فرقة العمال والنقل ومات هؤلاء المجندون التعساء كالذباب وكلما قضى منهم نفر وخلا بموتهم مكان، ساق الكرباج الآلاف غيرهم ليحلوا محلهم، ودم هؤلاء الرجال هو الذى يجرى بين مصر وإنجلترا اليوم».

وتروى جريدة المقطم عن الظلم الذى قاساه المصريون فى الخارج قائلة «الإصابات تعددت فى فرنسا من جراء الظروف المناخية القاسية لتراكم الثلوج وعدم تحمل المصريين لها، كذلك ارتفعت نسبة الوفيات بينهم فى كثير من الدول، وانتشرت الكوليرا، لدرجة أنهم حينما عادوا إلى مصر نقلوها معهم، ومات الكثير بسببها».

وما كان من الحكومة المصرية إلا أنها أصدرت فى 29 يونيو 1921 قراراً بأنها ستصرف مكافآت ومعاشات لمن أصيبوا بجرح وعاهات مستديمة وبعجز تام أو جزئى عن العمل، وكانت المبالغ بسيطة للغاية.

ومن اللافت للنظر أن أهل مصر من ذوى اليسر قدموا خدماتهم للإنجليز عن طريق دفع الإعانات للصليب الأحمر وأهملوا بنى جلدتهم الأمر الذى جعل كاتبة إنجليزية تقول:«لقد عرفنا من مزايا أهل مصر أنهم إذا دعوا لمبرة عامة يظهرون بمظهر الكرم ويكتتبون بسخاء للأعمال الخيرية النافعة رغم بؤسهم».