كتبت مقالا سابقا منذ أسابيع قليلة تحت عنوان «هوية الدولة: معركة د. جابر عصفور فى مواجهة الفاشية الدينية» وتساءلت فيها، هل يصح أن نترك الرجل وحده فى الساحة يدافع عن مدنية الدولة.. واليوم أكتب عن قضية أخرى لاتقل أهمية عن مواجهة التطرف الدينى وأعنى بها قضية مواجهة الفساد والفاسدين.. فالتطرف الدينى والفساد المُستشرى كانا هما الوقود الذى أشعل نيران ثورة المصريين فى يناير ويونيو. الرجل الشريف المحترم المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات – والذى كان من حظ مصر أن جاء إلى هذا المنصب فى موعد رتبه القدر – يقود حملة وطنية شجاعة لصالح الوطن، رحمة بأهله وإنقاذاً لأموالهم وثرواتهم من أساطين السلب والنهب والفساد باشوات آخر الزمان، فيتعرض بسببها إلى حملات قذرة مسمومة تتسم بأقصى درجات الخِسة والكذب والتضليل من الذين عاثوا فى الأرض فساداً ونهباً فى العصر المباركى، مستخدمين أذناباً لهم فى كل مؤسسات الدولة خاصة السيادية منها والإعلامية. لقد شاهدت الأسبوع الماضى حواراً تليفزيونياً لهذا الرجل العظيم مع الإعلامى الوطنى وائل الإبراشى، واجهه فيه بصراحة بكل مايُروج عنه ومايُحاك ضده، إلى الدرجة التى صدر فيها حكم على المستشار الجليل بتغريمه 30 ألف جنيه بتهمة السب والقذف، دفعها الرجل ثم قدم طعناً فى الحكم، وكيف أنهم يرتبون لاستصدار قرار قبض وإحضار له بدعوى سماع أقواله فى ادعاءات كيدية! لم أر من الرجل فى هذا اللقاء إلا ثقة مطلقة فى الله وفى النفس وفى الشعب، وإصراراً وتصميماً لاحدود لهما على إكمال مهمته فى فضح كل من اعتدى بالحرام على ثروات الشعب ونهب ما لاحق له فيه من أموال وأراضٍ أضاعت على الدولة الفقيرة مئات المليارات.. سأله الإبراشى بدهشة عن السبب الذى دفعه لفتح ملفات جلبت له «وجع الدماغ» وأوقعته فى مواجهات كان فى غنىِ عنها، فرد بابتسامة هادئة أنه يعرف أنه دخل إلى عش الدبابير حسب القول الشائع ولكنه فعل ذلك بإرادته وفى ذهنه الغالبية العظمى من أفراد هذا الشعب الطيب الذين يعانون العوز وشظف العيش فى الوقت الذى تُنهب فيه ثرواته وأمواله.. سأله كذلك عن ادعاءات يروج لها الفاشيون أدعياء الوطنية بأنه من خلايا الإخوان النائمة، فيرد ببساطة بأنه كلام لايستحق الرد عليه ومن عنده دليل فليقدمه، ومواقفه من سنة حكم الإخوان وتصرفاتهم المالية أثناءها مُعلنة ومُسجلة.. وسأله كيف تثير كلاماً حول كبار قادة الشرطة وجهات سيادية وقضائية وما استحوزوا عليه بالباطل من أراضٍ وأموال فى الوقت الذى يخوضون فيه معركة عاتية مع الإرهاب يدفعون فيها ثمناً غالياً من أرواحهم ودمائهم، فيرد بأسلوب القاضى العفيف بأن هذا خلط مُتعمد للأوراق، فمكافحة الفساد لاتقل أهمية عن محاربة الإرهاب. إننى أناشد كل مصرى حر شريف له رأى وقلم، أن يعلنها واضحة جلية بأنه السند والظهير لرجل العدل والقانون الشجاع المستشار هشام جنينة فى معركته مع أساطين الفساد أياً من كانوا من أجل تحقيق طهارة الدولة التى نحلم بها.
كلام لابد منه: حوادث شبه يومية تصل إلى مرتبة الكوارث يروح ضحية لها آلاف الأرواح البريئة، وينتج عنها آلاف المصابين المعوقين، وتدفع ثمنها آلاف الأسر المصرية حزناً وهماً وغماً مستمرا منذ سنوات وتكلف الدولة الفقيرة خسائر بالمليارات كل عام، وبعد كل هذا تخرج علينا الرئاسه بالتوجيه بتشكيل لجنة لدراسة الظاهرة ووضع الحلول! لقد بُح الصوت وجفت الأقلام من كثرة ماقيل وكتب من دراسات عن الأسباب التى جعلتنا الدولة الأولى فى العالم فى نسبة حوادث الطرق، ولم نر أو نشعر ولو مرة واحدة بأن هناك عملا جاداً قد تم وكأن هناك مؤامرة لإبادة الشعب المصرى خاصة الغلابة منه! السيد الرئيس.. هل يمكنك اليوم الأمر لكافة الأجهزة المختصة بالبدء فى إنشاء حارة على يمين جميع الطرق الرئيسية لسيارات النقل ومن يتجاوزها أو يتجاوز السرعة المقررة فيها تُسحب رخصة قيادته نهائياً مع غرامة مالية كبيرة يدفعها مالك السيارة، وكذلك الأمر بمنع سيارات النقل ذات المقطورات نهائياً اعتباراً من أول العام القادم بعد أن أخذوا أكثر من فرصة قبل ذلك؟ لتأمر بذلك فوراً السيد الرئيس وانتظر بعد ذلك ماشئت من قرارات اللجنة المُقترحة..أستحلفك بأرواح من ماتوا وبأرواح من سينقذهم قرارك هذا من الموت أن تفعل.. وأنت قادر على ذلك.