قال رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشاري، لحزب التجمع إن «أهم المتغيرات، التي أسهمت بقوة في إنهاء رئاسة مبارك ما تعكسه الرسالتان اللتان وصلتا لي من أحد أشد المقربين من عائلة مبارك وقصر الرئاسة، وذلك في الأشهر الأخيرة من عام 2010، حين قال لي إن الرئيس قرر أن يقف بقوة ضد رغبة بعض الأطراف الحزبية والعائلية في ترشيح جمال مبارك للرئاسة، التي كان موعدها في خريف عام 2011، خلفا له».
وأوضح السعيد في تصريحات لمجلة «المجلة»، التي نقلتها صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية في عددها الصادر، صباح السبت، أن «نفس هذا الرجل، وكان عضوا مهمًا في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، عاد ونقل رسالة مغايرة لي، قال فيها: (الموقف تغير.. لقد تجمَّعوا حوله، وأقنعوه بترشيح جمال)».
وتشير «الشرق الأوسط» إلى اقتراب السعيد من نائب «كان يحظى بأهمية كبيرة بين أعضاء مجلس الشورى، لسببين: صداقته الطويلة لمبارك، وصلة القربى مع أسرته».
ويقول السعيد إن «الرجل تعرف على مبارك قبل عدة عقود، أي في مطلع ستينيات القرن الماضي، حين كان كل منهما في بعثة دراسية في موسكو، وإنه كان حين يتحدث عن فترة الدراسة تلك يقول عنه إنه كان عسكريا مستقيمًا جدًا، وكان يمكث طيلة الوقت في استذكار دروسه، ولا يحب الخروج».
وتابع: «كما أن كل التقارير التي كانت تُكتب عنه وهو طالب كانت تقول إنه دؤوب، وإنه لا يخرج كثيرا ولا يشرب الخمور».
وأضاف: «في واحدة من المرات التي كان فيها القلق كبيرا في البلاد بشأن المستقبل، خاصة أن مبارك كان قد بلغ من العمر نحو 80 عاما دون أن يعين نائبا له، سألت قريب أسرة مبارك وصديقه: (أريد أن أسألك سؤالا وتجيبني عنه بصراحة.. هل قريبك (يقصد مبارك) ينوي توريثنا لابنه؟)، فأجابني الرجل: (لا.. وحين تناقشت معه في هذا الموضوع رد مبارك قائلا إن (مصر ليست عزبة أبي حتى أورثها له لجمال)، وقال لي أيضا اذهب إلى قريبتك (أي إلى سوزان مبارك) وأخبرها بأن هذا لا يصح ولا ينفع، وأنا أخشى على الولد من أن يتعرض للقتل لهذا السبب».
ويتابع السعيد: «بعد مرور نحو شهر، وفي أحد الأيام، حين كان في قاعة مجلس الشورى، وجد الرجل نفسه يبحث عنه، وحين قابله قال له: (أريد أن أخبرك بأن المعلومة، التي قلتها لك أصبحت خطأ، نجحوا في إقناعه بأن يأتي جمال رئيسا، وأن يجري إعداده لهذا الأمر، كلهم (أعضاء من أسرة مبارك وقيادات من الحزب الوطني) تجمعوا حول الرئيس، وأخذوا يتحدثون معه ويعطون المبررات ويقنعونه حتى اقتنع، أخبرك بهذا حتى لا يأتي يوم وتجد جمال مرشحا للرئاسة فتقول إنني كنت أكذب عليك».
ويرى السعيد أن مبارك في أيامه الأخيرة «انقطع الإرسال بينه وبين الجميع وجرت محاصرته محاصرة تامة بطريقة كان يطلق عليها البعض حلقة النار، وأحد أبرز من كانوا يحيلون بين مبارك والآخرين رئيس ديوان رئيس الجمهورية، زكريا عزمي».
ويتذكر السعيد إحدى الوقائع، التي تخص هذا الموضوع، قائلا إنه «حين جرى تعيين أحد أصدقائي ممن كانوا يعملون في مؤسسة (الأهرام)، لرئاسة الهيئة العامة للاستعلامات، اصطحبه مبارك معه في رحلة لإحدى الدول الأجنبية، لأنه كان يريد أن يتعرف عليه بشكل جيد، وفي الطائرة أخذ رئيس هيئة الاستعلامات يتبادل الحديث مع مبارك، إلى أن قال له: يا ريس.. أنا عندي طلب بسيط، وهو أن تعطيني الإذن بأن أتصل بك في أي وقت، لأنه أحيانا تكون هناك معلومات تأتيني ينبغي أن تعلم بها أو أريد أن أسأل عن معلومة حتى لا أخطئ».
ويضيف السعيد أنه «أثناء انتقال رئيس هيئة الاستعلامات من المقعد المجاور لمبارك إلى مقعده الآخر في الطائرة، قال له المسؤول عن مكتب الرئيس: (أنت كسرت حلقة النار.. وكان يقصد حلقة النار حول مبارك، وأصيب رئيس الهيئة بالقلق، وحين عاد لمصر أبلغني عن الواقعة، فأخبرني بأن ما حدث يعني أنني سأفقد موقعي، وهو ما حدث بعد نحو شهرين من تعيينه في هذا الموقع».