حينما فاز محمد مرسي بالانتخابات التي وصفها السيسي بالديمقراطية، خرجت أبلة فاهيتا على موسيقى برنامج «حياتى» تواصي بصوتها الرقيق «كارولين» ابنتها الشابة، وتقول لها: «معلهش يا كارولين.. هما أربع سنين».
لكن مرسي المتهور خيب آمال «أبلة فاهيتا» وتسرع منذ الشهور الأولي في قذف القوانين وغيرها من التعديلات وصلتإلي الإعلان الدستوري الذي جعل فيه من نفسه إمبراطوراً على نظام جمهوري يتداعى. لتبدأ رحلة السقوط الطويلة نحو القفص الزجاجي.
يا إلهي لقد كانت أيام عصيبة، شعرنا وقتها ما أن ركب كابوس خيرت الشاطر أنه لا فاكك منه، وكانت أبلة فاهيتا بروحها الحلوة ونظرتها الإيجابية للحياة تهون علينا الأمر بأنه لن يستمر أكثر من أربع سنين. آما الآن فالأبلة سافرت إليألمانيا وركبت «العجل» هناك حيث توجد طرقات ممهدة للدرجات وقالت لنا في رسالتها الأخيرة «مايستهلوشي».
تركتنا الأبلة، بينما نحن نعيش تحت قذف متسارع من القنابل بدائية الصنع والقنابل منزلية التصنيع إلى جانب مدرعات الجيش والشرطة المفخخة، يتسارع أيضاً قذف القوانين والقرارات الجمهورية بل أي وازع دستوري أو برلماني، بل بلا أي تمثيل أو نقاش مجتمعي أو وودى.حتي وصلنا إلى مرحلة يجب معها تغيير اسم هذا المكان من «جمهورية مصر العربية» إلى ثكنات السيسي العسكرية.
عزيزتى الأبلة فاهيتا،
لسنا خائفين، بل لا مباليين وعدميين، نستعيد «عدم» قديم كنا قد نسيناه ينتمى إلى ما قبل 25 يناير، حيث لا أمل واليأس صورته هي صلعة جمال مبارك. كل يوم يصدر السيسي قراراً ليحول كلية أو جامعة لمنشأة عسكرية، والنظام القضائي غير الحيادى أو العادل تم استبداله بالقضاء العسكري والسبب كما يقول الخبير الاستراتيجي أن القضاء العسكري يمكنه أن يعمل لمدة 24 ساعة في الأسبوع، وبالتالي يمكن أن نسارع أكثر من سرعة قذف الأحكام والاعدامات. وهذه المرة حينما يقبض على طفل لا يتجاوز عمره السابعة عشر في الجامعة لأنه يرتدى تى-شيرت عليه كف بكار، لن تكون عقوبته الإعدام شنقاً أو إحالة أوراقه للمفتي، بل سيكون حكم الإعدام عسكرياً، أحكام الإعدام للطلبة والمتظاهرين السلميين.
النظام مبتذل يا أبلة فاهيتا، وفعلا «مايستهلوشي». شفط الهواء والأكسجين من الجو. والمجال السياسي لم يعد سوى جلسات سرية تقتصر المشاركة فيها على من هم فوق الستين حيث يقود الجنزوري وهيكل عملية تخطيط المستقبل السياسي طبعاً مع تمثيل خاص للشباب بحضور السيد عمرو موسي. الحفلات الخاصة تتم مداهمتها والقبض على من فيها وتلفيق تهم لهم من قبيل الحضور في فرح لاثنين من المثليين. ومن انصرف عن عالم السياسية وعالم المتع، وفضل العمل المجتمعي التطوعي يتم إلقاء القبض عليه لأنه يرتدى تى-شيرت لا يعجب حضرة الضابط. الطريق الوحيد الذي يتركه النظام أمام الشباب الآن هو التوجه نحو داعش، أو الرقص والهز مع قرود الوطنية الجديدة وغناء «تسلم الآيادى».
لكننا صامدون يا أبلة فاهيتا، متحصنين بعدميتنا الجذرية الإيجابية، نشاهد الحبل وهو يلتف. لوثة السلطة تسيبه، يتمنى لو كان صحفياً فيفتحوا له الجرائد والقنوات ويصبح رئيس تحرير لكل القنوات والصحف. يتمنى لو كان مشرعاً فيصطف المستشارين والقضاة ممسكين بالصاجات يهزون ويغنون بعد كل قانون يصدره «دستوري يا فاهيتا.. دستوري».
للسلطة نشوة وسكرة، تجعلك تظن أن بإمكانك السيطرة على كل الخيوط وتحريكها، لكن حتى دمية الأبلة فاهيتا تحتاج إلى أكثر من يد لتحريكها. نشوة السلطة تجعلك تظن أن بامكانك امساك كل الخيوط وتتكرر سيناريوهات الانتحار بملل حيث تلتف الخيوط حولك فلا تدري كيف بعد فترة كيف تتحرك أو تخرج منها فينتهى الأمر باختناقك.
في مثل هذه الأيام منذ أربع سنوات فقط كانت أحمد عز يجمع كل الخيوط بيده، ويصفق للرئيس وهو يدخل البرلمان فرحاً ويقول خليهم يتسلوا. وكنا أيضاً في حالة العدم بلا تمرد أو جبهة الإنقاذ. وفي مثل هذه الأيام منذ عاميين كان حازم صلاح أبوإسماعيل وأولاده يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامي والشاطر يهدد الجميع ويجمع كل الخيوط في يد واحده. ومن أربع سنين ديمقراطية بشرتنا بها فاهيتا لم يصمد مرسي أكثر من عام واحد حتى خنق نفسه بنفسه. والآن فوعد الرئيس السيسي سنتين فقط. سنتين نعيشهما في الثكنات العسكرية، نحن صامدون وليس لدينا خيارات آخري فهل تصمد أنت؟