إن حادثة محاولة اغتيال نجيب محفوظ.. وقتل المفكر فرج فودة.. والنقراشى باشا.. والخازندار.. والشيخ الدهبى، وكذلك محاولة اغتيال جمال عبدالناصر.. وقتل السادات، والكثير من الحوادث الإرهابية التى وقعت من المتأسلمين الإرهابيين.. فى فترات سابقة وحتى يومنا هذا- فى حقيقة الأمر، جعلتنى جميعها أندهش للغاية من كم العنف والدم المستباح من هؤلاء المتحدثين باسم الإسلام.. ولا أعتقد، ولن أعتقد، أن الدين الإسلامى الراقى الجميل المتسامح يدعو إلى هذا مهما كانت الأسباب.. وكامل احترامى لفضيلة الشيخ الشعراوى وأمثاله الذين يصنعون قيمة للإسلام دون مقابل سياسى.. ويقدمون قامة للمسلمين دون تأليه دنيوى. والحمد لله أن الله سبحانه وتعالى قد أعطانا من هؤلاء وهؤلاء... فهؤلاء القتلة يجعلوننا نميز بينهم وبين هؤلاء الأساتذة، أساتذة الدعوة الوسطية الجميلة الذين أحببنا الإسلام من خلالهم بل عشقناه عشقاً، ولكن السؤال المهم الآن: هل تأملتم الإرهابى، هل تخيلتم ملامحه وما يدور بذهنه فى لحظات القتل، هل فسرتم ما هى هذه القوة الشيطانية التى تجعله يقتل العديد من الأرواح دون ذرة ضمير تؤلمه، أو حتى ذرة عقل تمنعه، إن أى إرهابى لا يمكن أن تروه مبتسماً، فأعتقد أن الله سبحانه وتعالى يسحب منه نور الروح، نعم فلكل إنسان روح، ولكل روح نور، حتى ولو كانت لإرهابى، فهى تنساق وراء النفس الأمارة بالسوء، ولا يمكن أن تروه يضحك، فقلبه معمور بالشر، وخازن الشر لا يضحك، بل يرى الدم قبل أن تراه عيونه، وهو يقوم بعمليتى قتل ليلة العملية الإرهابية أصعب بكثير من قتله البشر، فهو يقتل ضميره، ليس بسلاح مسنون، بل بسلاح مسموم، بأفكار لا علاقة لها بالعقل ولا بالدين، تأتيه من جهنم الحمراء، كما يقوم أيضاً ليلة إرهابه، بعملية تجميل أخرى لعقله، نعم فالعقل أيضاً يتم تجميله، فيتم عمل عملية تصغير لعقله، فيصغر ويصغر ويصغر، فيصبح شكله وسيماً وجميلاً فى القتل والإرهاب، فالعقل إذا كان كبيراً يصبح ثقيلاً موزوناً ولا يستطيع أحد أن يبرمجه كما يريد، ومن هنا وجب تصغيره بعملية تجميل سهله للغاية، وهى عملية مجانية، يقوم بها طبيب تجميل من أطباء شياطين الإنس، لصناعة عدد كبير للغاية من الأرواح الشريرة، التى تخلو من النور، فتسحب نور الإيمان من روحه، ونور الحب من قلبه، ونور الوطنية من عقله، لذلك هذه الأرواح لا يسكنها أحد، سوى طيور الظلام التى تطرد عصافير الجنة من هذه الروح، بل تستدعى كل غربان الحياة لتعشش فى جسد وروح وقلب وعقل هذا الإرهابى الذى سرقت منه أعضاؤه؛ العقل الذى كان يفكر به، والضمير الذى كان يوقف سلوكه، والقلب الذى كان يحب، والجسد الذى كان يصلى، ولم يعد يفعل ذلك إلا للشياطين الذين يحركونه بالريموت كنترول! لصناعة الشر المطلق؟ صناعة الأرواح الشريرة! لشياطين الإنس!!
هشام أبوسعدة - كاتب سينمائى