الإرهاب «يُبكي» رفح (ملف خاص)

فى الطريق من مدينة العريش عاصمة شمال سيناء إلى مدينة رفح والذى يبلغ طوله 40 كيلومتراً لا يستغرق سوى نصف ساعة للوصول إلى رفح فى الظروف العادية، أصبح الطريق إلى رفح يستغرق ساعتين على أقل تقدير فى الظروف الحالية نظراً لغلق الطرق الرئيسية المؤدية إلى رفح، ولابد من سلك طرق جانبية للوصول إلى هناك.

كانت الطرق المؤدية إلى رفح مكتظة بسيارات النقل بجميع أحجامها تحمل متاع السكان المرحلين من رفح إلى مدينتى الشيخ زويد والعريش، باحثين عن مأوى لهم لدى أحد الأقارب أو مستأجرين مساكن لهم فى بلد هم غرباء فيه، كان المشهد مبكياً وحزيناً، الدموع تملأ عيون الجميع بعضها تحجرت فى العيون وكثيرها انهمرت فى لحظة الوداع، لا صوت يعلو سوى صوت الدعاء على الإرهاب الذى اكتوى بناره الجيش والأهالى.

أهالي رفح المهجرين: نتحمل أكبر فواتير المعركة.. والتعويضات ليست كافيةالعمليات العسكرية للجيش المصري في رفح

«منذ 1986 ونحن نحلم بتعمير شمال سيناء وتحديداً رفح، واليوم وبعد ثورتين، يتم تهجيرنا من منازل بنيناها بالقهر والدم، تحملنا ما لا يتحمله بشر على هذه الأرض، تحملنا أخطاء كل الأنظمة والرؤساء، وصبرنا على وعود كل الحكومات، ولم يتحقق منها شىء، بل ونتحمل نحن أكبر فواتير الإرهاب، فندفع أرض أجداد أجدادنا، ونترك منازل حلمنا بتملكها طيلة سنوات، مقابل 300 جنيه تعويضاً عن إيجار أى شقة نستأجرها بالعريش»..المزيد

أحد أهالي الشيخ زويد: قرار الإخلاء لحماية الأمن القومي.. ولنا في كل مكان ذكرىالعمليات العسكرية للجيش المصري في رفح

فور دخولنا إلى مدينة رفح، استوقفنا سيارة نقل تحمل أثاثا منزليا لأحد المواطنين الذين تقع منازلهم فى نطاق الـ300 متر، وتحدثنا إلى من بداخلها عن قبلته المتجه إليها، فقال «اسمى إبراهيم يوسف، من مدينة الشيخ زويد، جئت إلى هنا لأنقل أثاث شقيقتى المقيمة فى رفح إلى منزلى بالشيخ زويد لكى تقيم معى حتى تجد مسكناً لها بعد الحصول على التعويضات التى وعد بها المسؤولون فى الدولة»المزيد

«أم محمد»: لا نعارض الإخلاء في رفح لكن وقت التنفيذ ضيقأم محمد تتحدث إلى «المصرى اليوم»

فى أحد الشوارع الرئيسية بمدينة رفح، وجدنا كومة كبيرة من «العفش» فى إحدى الساحات الواسعة وكان المشهد لافتاً للانتباه، ترجلنا من سيارتنا وتحدثنا إلى مجموعة ليست بالقليلة من السيدات المتواجدات فى المكان المفتوح، كانت إحداهن غاضبة ومتوترة للغاية سألناها عن اسمها فقالت «أم محمد»، وبدأت بسرد ما حدث دون أن نبادرها بأى سؤال فقالت: «أنا زوجة أحد رجال عائلة (قشطة) وهى إحدى العائلات المعروفة فى رفح، وعلاقتنا طيبة بقوات الجيش والشرطة، ولم نتورط فى يوم من الأيام فى التهريب من وإلى قطاع غزة، ونرفض ذلك مطلقاً، المزيد

مُزارع في رفح: البدائل السكنية غاليةإمرأة تشكو حالها قبل إخلاء منزلها

تركنا «أم محمد» وتوجهنا إلى أحد الأشخاص الذين كانوا يفرغون متعلقاتهم من إحدى السيارات إلى أحد المنازل، وبدأنا الحديث إليه فقال «اسمى رسمى عواد، وأعمل مزارعاً، وعلمت بقرار إخلاء منزلى مساء الأربعاء، حيث إن منزلى لا يقع داخل حيز الـ300 متر التى قررت الدولة إخلاءها، ولكن فوجئنا بأحد الضباط يبلغنا بإخلاء المنزل خلال أقل من 10 ساعات، ولما سألناه عن السبب قال إن المنزل يقع داخل نطاق 500 متر تقرر إخلاؤها لتزيد المساحة فى العمق المصرى من 300 إلى 500 متر، ولم يكن فى حسباننا هذا الأمر نهائياً».المزيد

«بيزنس» على أنقاض المنازل في رفح: كيلو الحديد بـ1.5 جنيهإخلاء منازل رفح

يجوب بين الركام بصحبة مساعده الذى اعتلى ظهر «التروسكل» المحمل بألواح معدنية، يرقب من بعيد المنازل التى تستعد للانهيار، يقترب بعد دوى الانفجار من المنزل، ليتفق على شراء الحديد الذى أصبح خردة.المزيد

أطفال فوق الأطلال في رفح: «زعلانين على الحضانة.. ووين بدنا نروح؟»إخلاء منازل رفح

بعينين زائغتين، وقدمين حافيتين، ظلت تفتش بين حطام المنزل، تبعثر الركام هنا وهناك. تقف دامعة أمام ما تبقى من أثاث منزلها وتمد يدها فى قلب بعض «الكراتين» لتخرج منها دمية أو «عروسة»، تحتضنها، وتعتذر لها، وتنطلق دون استئذان قائلة: «أنا زعلانة على لعبتى، ومش عارفة هانيمها فين؟ وزعلانة على الحضانة اللى كنت باتعلم فيها والنهاردة اتفجرت زى بيتنا». «سارة»، الطفلة ذات الـ6 سنوات، والتى تم تفجير منزل أسرتها، صباح الخميس، تضيف أن والدها لم يخبرها بأنه سيتم تدمير منزلهم كما حدث مع بعض جيرانهم فى صباح الثلاثاء، لكنها فوجئت به يطلب منها الخروج من المنزل والبقاء أمام الأثاث، وبعدها بساعة تم تفجير المنزل ودار الحضانة التى كانت تتلقى بها تعليم القراءة والكتابة.المزيد

تركنا «أم محمد» وتوجهنا إلى أحد الأشخاص الذين كانوا يفرغون متعلقاتهم من إحدى السيارات إلى أحد المنازل، وبدأنا الحديث إليه فقال «اسمى رسمى عواد، وأعمل مزارعاً، وعلمت بقرار إخلاء منزلى مساء الأربعاء، حيث إن منزلى لا يقع داخل حيز الـ300 متر التى قررت الدولة إخلاءها، ولكن فوجئنا بأحد الضباط يبلغنا بإخلاء المنزل خلال أقل من 10 ساعات، ولما سألناه عن السبب قال إن المنزل يقع داخل نطاق 500 متر تقرر إخلاؤها لتزيد المساحة فى العمق المصرى من 300 إلى 500 متر، ولم يكن فى حسباننا هذا الأمر نهائياً».