«منذ 1986 ونحن نحلم بتعمير شمال سيناء وتحديداً رفح، واليوم وبعد ثورتين، يتم تهجيرنا من منازل بنيناها بالقهر والدم، تحملنا ما لا يتحمله بشر على هذه الأرض، تحملنا أخطاء كل الأنظمة والرؤساء، وصبرنا على وعود كل الحكومات، ولم يتحقق منها شىء، بل ونتحمل نحن أكبر فواتير الإرهاب، فندفع أرض أجداد أجدادنا، ونترك منازل حلمنا بتملكها طيلة سنوات، مقابل 300 جنيه تعويضاً عن إيجار أى شقة نستأجرها بالعريش».. هكذا يبدأ رياض صالح القنبيز، أحد المهجرين من الشريط الحدودى بمدينة رفح، حديثه بعد تفجير منزله فى إطار خطة الجيش لمواجهة الإرهاب بشمال سيناء. يضيف: «هذا أثاث منزلى المكون من طابقين، ملقى أمام أطلال المنزل، ولا أعلم كيف وإلى أين سأذهب به وبأسرتى، وما أريد تأكيده أننا لم نحصل على تعويضات حتى الآن، لكننا تلقينا وعداً بالانتهاء من صرف التعويضات فى نفس الليلة بعد إخلاء المنازل ومساواتها بالأرض». رياض يؤكد أن منزله تم تقديره باعتباره «مسكناً شعبياً»، وهو ما يعنى أن تقييمه وصرف تعويضه باعتباره «عشة».
«هدموا منزلى، وجميعنا يبيع أثاث منزله بأسعار بخسة، لأن مساحات منازلنا التى تم هدمها شاسعة، وطبيعتنا القبلية وثقافتنا تقتضى ذلك، كما أن أغلبنا أكرمه الله بعدد كبير من الأبناء، واليوم لا نعلم إلى أين نحن ذاهبون، ولا نعلم السبب الحقيقى لطردنا من أراضينا، فلم يتورط أى منا فى أى أعمال تخريبية»، هكذا بدأ أحمد سليمان حديثه من أمام حطام منزله». مضيفاً: «أبناؤنا هنا يعانون، فرغم أننا نعيش بلا مدارس وبلا تعليم وبلا أدنى رعاية لهم، إلا أننا راضون ومتشبثون بأراضى أجدادنا، ونحن بالطبع أكثر المتضررين من العمليات التى تقوم بها الجماعات التكفيرية هنا، فها نحن ندفع ضريبة ما يفعلون».أحمد لا يعترض على مبدأ التهجير لكن على المساواة فى الظلم، حسب قوله. يوضح: «المنازل التى تحوى أنفاقاً هى التى تستحق أن تهجر، ما الذى ستفعله الـ300 جنيه لتعويضنا عن إيجار الوحدة السكنية التى سنبقى بها، فأقل سعر لتحميل ونقل ما تبقى من أثاث المنزل سيكلف 200 جنيه على الأقل، فكيف أعيش وأسرة تتكون من 10 أفراد ونسكن ونأكل طوال الشهر بـ100 جنيه فقط. «رضوان. ن»، أحد سكان رفح المهجرين، يتشكك فى وجود تعويضات عادلة من الأساس، لكنه لا يملك سوى الانتظار: «نحن فى انتظار التعويضات التى وعدتنا بها الدولة، والتى نخشى ألا توازى قيمة منازلنا المهدمة».