تحوَّل مؤتمر (حوض النيل.. تعاون أم صدام؟) المنعقد بالعاصمة اللبنانية بيروت إلى خلاف وتلاسن مصرى- سودانى، بعد دفاع الوفد السودانى برئاسة الدكتور سيف حمد، وزير الرى الأسبق، ورئيس وفد بلاده المفاوض بملف سد النهضة، عن السد وحق إثيوبيا فى إنشائه، فيما استغرب المشاركون بالمؤتمر الموقف السودانى، وأجمعوا على أن الخرطوم تدافع عن المشروع الإثيوبى أكثر من أديس أبابا نفسها.
وهاجم «حمد» مصر، وقال إن القاهرة هى من تدعم دولة جنوب السودان وليس الولايات المتحدة كما يتم تداوله إعلامياً، وهو ما جعل القاهرة تبحث عن تنفيذ مشروعات مائية لدى حكومة جوبا. وأضاف فى كلمته أمام جلسة المؤتمر، أمس، الذى تنظمه الجامعة اللبنانية فى بيروت، أن مصر أكبر دولة داعمة لجنوب السودان، وليس لديها خبرات فى مجال السدود الحديثة، وأن بلاده أكثر خبرة من مصر بهذا الشأن، والدليل أنها أنشات 4 سدود خلال 20 عاماً.
ورد الدكتور علاء ياسين، مستشار وزير الرى للسدود ومياه النيل، على المسؤول السودانى، وقال إن خبرات مصر فى إنشاء السدود تعلمها الدول العربية والعالم، وإن الجانب السودانى لم يقدم أى دراسات حول سد النهضة، بينما قدمت مصر دراساتها الفنية حول المشروع.
ودعا المسؤول السودانى القاهرة إلى دعم «جوبا» للحصول على مشروعات استقطاب فواقد المياه فى جنوب السودان، وتوقع استمرار موقف حكومة جنوب السودان الغامض من اتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان «حتى يستمتعوا بالمعونات المصرية»، وهو ما انعكس على موقف حكومة جوبا، واصفاً إياه بموقف «نصف نصف»، فى حين أن السودان لا تزال مستمرة فى تنفيذ بنود الاتفاقية ولم تخالفها.
وأضاف أن دولة جنوب السودان هى مستنقع للمياه، أو دولة عائمة فى المياه، حيث تصل كمية الأمطار التى تسقط عليها إلى 600 مليار متر مكعب سنويا، بينما لا تتجاوز احتياجاتها من المياه خلال المائة عام القادمة 3 مليارات متر مكعب سنوياً، موضحاً أن إقامة أى مشروعات زراعية فى جنوب السودان ترتبط بتجفيف المستنقعات، بينما يصل إجمالى كميات المياه التى يتم فقدها هناك إلى 52 مليار متر مكعب قبل وصولها إلى نهر السوباط، بالإضافة إلى فقد 15 مليار متر مكعب فى منطقة بحر الغزال و10 مليارات فى حوض نهر السوباط.
وأشار حمد إلى أن حكومة جوبا لا يمكنها تنفيذ خطتها لزراعة 400 ألف فدان، إلا بعد تجفيف مساحات من هذه المستنقعات، وهو ما يعنى إضافة كميات من المياه إلى إيرادات النيل الأبيض، يمكن لمصر أن تستفيد منها فى ظل تأييدها جنوب السودان.
من جانبه قال الدكتور مغاورى شحاتة، الخبير الدولى فى المياه، إن إسرائيل هى من تشكل كل الهياكل الرئيسية لدولة جنوب السودان، وليس مصر كما تدعى الخرطوم دائماً، ويصرح مسؤولوها بأن القاهرة هى التى كانت سبباً فى انفصال الجنوب عن الشمال.
وأضاف أن مصر مضطرة للتعامل مع الجنوب لتأمين احتياجات الخرطوم والقاهرة من مياه النيل بعد شروع إثيوبيا فى بناء سد النهضة، لافتاً إلى أن مصر متمسكة باتفاقية عام ١٩٥٩ التى تقسم المياه بين البلدين لأنها تحمى مصالحهما، مطالباً البلدين بالعودة مرة أخرى للتعاون وتوحيد الصف أثناء عقد اجتماعات اللجنة الوطنية المشكلة لحل أزمة السد فى الوقت الحالى.
وأكد أن الهدف الإثيوبى من وراء إنشاء السد هو خنق مصر مائياً، مشيراً إلى أن الخطة التى اعتمدها مكتب الاستصلاح الأمريكى عام ١٩٦٤ رداً على بناء السد العالى تقوم على تخزين ٢٠٠ مليار متر مكعب وإفشال مشروع السد العالى الذى ستتوقف توريبناته فى العام الرابع بعد بدء عملية تخزين بحيرة سد النهضة.
وأبدى الدكتور هانئ رسلان، رئيس وحدة السودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية، دهشته من الدفاع الذى يمارسه النظام السودانى عن إثيوبيا ومشروع سد النهضة، وقال: إثيوبيا تمارس الخداع والمناورة، وهى المحرك الاستراتيجى لاتفاقية عنتيبى التى تهدد حصص البلدين من مياه النيل، وتمارس ضغوطاً على دول الحوض من أجل التصديق على الاتفاقية. ولفت إلى أن الحكومة الإثيوبية تقود حالياً حملة منظمة للكراهية ضد مصر وشعبها، باعتبارهم عدواً لا يريد التنمية، مؤكداً أن من يقف وراء ذلك كله هو الولايات المتحدة.