كيف تشاهد الكلاسيكو محللاً فنياً؟

كتب: أحمد فؤاد الدين السبت 25-10-2014 14:38

مشاهدة مباراة كرة قدم أمر رائع للغاية، ومشاهدة مباراة الكلاسيكو بين ريـال مدريد وبرشلونة غاية في المتعة، لكن التحليل الفني للمباراة أمر مختلف، فكرة القدم ليست مجرد رياضة بل هي علم كامل نتيجة لسنوات من التفكير والمجهود المدروس ولتحليل المباريات بشكل فني تحتاج لأكثر من شغفك بكرة القدم.

وفي هذا التقرير نقدم خطوات بسيطة ستجعل تجربتك في المشاهدة تختلف كليًا، ربما لن تكون أكثر متعة، لكن بالتأكيد ستخرج من المباراة بوجهة نظر مختلفة.

التحضير للمباراة

قبل أن تشاهد مباراة مثل الكلاسيكو يجب أن تتحضر جيدًا للقاء، ففي الحالة المثالية يجب أن تشاهد لقاء أو اثنين لكل فريق، فحتى لو كنت مشجعًا لبرشلونة مثلاً يجب أن تهتم بمشاهدة مباراة لريـال مدريد لتفهم طبيعة الخصم الذي سيواجهه فريقك، شاهد مباراة للخصم وتابعه بتركيز شديد دون أن تنجرف عاطفيًا وراء الأهداف التي يسجلها أو يتلقاها وحاول أن تتعرف على طريقة اللعب والخطة.

لا يوجد خطة

لا يوجد «4- 4- 2» ولا «4 -3- 3»، هذا وهم صدَّره لنا بعض المحللين لتبسيط مفاهيم أكبر في كرة القدم، فأي فريق في العالم يلعب كرة القدم يستخدم على الأقل خطتين في المباراة واحدة للدفاع وواحدة للهجوم، فبرشلونة عندما يلعب بطريقة «4-3-3» في حالة الهجوم تجد مدافعين فقط في الخط الخلفي، وظهيري الجنب في حالة تقدم مستمر لتبدو خطة اللعب «2-5-3»، أما في حالة الدفاع فمعظم فرق العالم تدافع بإحدي الطريقتين إما «4-4-2» أو «4-5-1» وفي برشلونة يبقى ميسي وحيدًا في الأمام ويدافع الفريق بخمسة لاعبين في الوسط أمام رباعي خط الدفاع.

لذلك لا تشغل نفسك كثيرًا بخطة اللعب وحاول التركيز في طريقة الهجوم وطريقة الدفاع، لأنها الشكل العملي أو التنفيذي للخطة التي تظهر على الشاشة في بداية المباراة.

الكرة مراحل

يمر أي فريق بعدة مراحل أثناء المباراة، هناك ثلاث مراحل على الأقل يمر بها أي فريق: مرحلة الدفاع، مرحلة نقل الهجمة، ومرحلة الهجوم، في فرق أخرى قد يتعقد الأمر فتنقسم كل مرحلة لعدة مراحل وتتغير بحسب كل فترة في المباراة.

شاهد فريقك كيف ينفذ كل مرحلة، في ريـال مدريد قد تقتصر مرحلة التحول للهجوم على بضع نقلات بسيطة يتسلم مودريتش الكرة فيرسل كرة طولية لرونالدو فيسجل هدفا، المرحلة الانتقالية هنا تبدأ بقطع مودريتش للكرة وتنتهي بتسلم رونالدو لها، بعدها يتحول الفريق للحالة الهجومية، يمكن أن تلاحظ مثلًا كيف يركض باقي مهاجمي الريـال لتنفيذ الهجمة المرتدة، تحرك اللاعبين بدون كرة أمر غاية في الأهمية ولا يحدث بشكل عشوائي، في الفرق الكبيرة يتم الاتفاق ضمن الخطة على طريقة نقل الهجمة لتنفيذ المرحلة الثانية قبل الدخول في مرحلة الهجوم.

شاهد فريقك بدون كرة

لا تتابع الكرة، هذا ما يفعله الجميع تظل أعينهم متابعة للكرة دون استيعاب لتحركات باقي اللاعبين، أهم اللاعبين في العالم هم القادرون على رؤية الملعب بشكل جيد، لديك فرصة عظيمة جدًا، فأنت تشاهد المباراة أمام شاشة التليفزيون وتمتلك مساحة رؤية كبيرة إلا إذا قرر المخرج غير ذلك.

استغل هذا في متابعة تحركات لاعبي فريقك ولاعبي الفريق الخصم، كيف يطبق فريقك الضغط على الخصم عندما يفقد الكرة، هناك خمس طرق أساسية للضغط، لكن هناك بعض المدربين مثل الأرجنتيني مارسيلو بيلسيا، مدرب مارسيليا، يجد أن طرق الضغط قد تصل لإحدى وعشرين طريقة.

مثال بسيط: اللاعب الخصم يمتلك الكرة وأمامه اثنان من زملائه دون رقابة، كيف يضغط لاعب وسط فريقك على ثلاثة لاعبين؟، أمامه أول حل بالضغط المباشر على حامل الكرة، لكنه يتخذ القرار فقط إذا وجد أن التمرير للاعبين الآخرين صعب أو وجد المساحة بينه وبين حامل الكرة قصيرة. في برشلونة يضغط اللاعبون بطريقة متنوعة منها «ضغط المنطقة»، ففي هذه الحالة يقف لاعب برشلونة بين اللاعبين بدون الكرة ولا يضغط على حامل الكرة بشكل مباشر، بالتالي تقل فرص التمرير ويُخرج لاعب من برشلونة لاعبين من الفريق الآخر بمنع وصول الكرة لهم.

يمكنك من المتابعة الجيدة أن تكتشف طرق ضغط لاعبي فريقك على الخصم، من منهم يضغط بشكل مباشر، من يركض للخلف لغلق المساحات، من يضغط بشكل غير مباشر، أو حتى ما هي المنطقة التي يتحرك فيها اللاعب للضغط.

بالتأكيد تتعجب من مشاهدتك لميسي يمشي في وسط الملعب ولا يضغط على لاعبي الفريق الخصم، ميسي دوره في حالة فقدان الكرة ينقسم لجزءين: الأول هو انتظار قطع الكرة ليبدأ الهجمة، والثاني هو منع الفريق الخصم من التمرير للخلف بوجوده أمام آخر مدافعين للفريق، بالمناسبة قطع ميسي الكرة ست مرات هذا الموسم بينما لم يقطع كريستيانو رونالدو الكرة ولا مرة.

أدوار اللاعبين

يملك كل لاعب في كرة القدم أكثر من دور، ففي الحالات الثلاث يصبح لكل لاعب دور في كل حالة، حاول أن تتعرف على هذا الدور، مودريتش في مدريد يقطع الكرة ويقف أمام خط دفاعه في حالة الدفاع، أما في حالة الهجوم فيتحرك الكرواتي ليلعب دور صانع الألعاب أو يفرض هجمة مرتدة إذا واتته الفرصة.

حتى حارس المرمى لا يملك دورًا واحدًا وهو الطبيعي كحارس لعرين فريقه، في برشلونة يبدأ حارس المرمى الهجمات، وفي ريـال مدريد قد يكون دور كاسياس الأهم هو سرعة نقل الهجمة لتنفيذ الهجمات المرتدة، ينقل المدرب تلك التعليمات للاعبي فريقه، يجلس مع كل لاعب ويعرفه دوره، بقليل من الملاحظة يمكنك أن تتعرف على أدوار كل لاعب في فريقك وفي الفريق الخصم.

الزيادة العددية

في مرحلة الهجوم تحاول معظم الفرق أن تصنع زيادة عددية في جبهة ما لتصل للمرمى، هذه إحدى الطرق، يمكنك أن تتابع الجبهات أو الطريقة التي يصنع بها فريقك الزيادة العددية لتفهم التكتيك الذي يتبعه المدرب، العام الماضي كان ريـال مدريد يستخدم دي ماريا لصنع زيادة عددية على الجبهة اليسري رغم وجوده بالأساس كلاعب في وسط الملعب ضمن طريقة «4-4-2»، لكن لمهاراته في قطع الكرة واللعب كجناح استغله أنشيلوتي لصنع جبهة نارية من ثلاثة لاعبين، بدخول الظهير الأيسر والجناح معه ليصنعوا مثلثا، حاول أن تشاهد إيسكو في الريـال حيث يتوقع أن يلعب نفس الدور في المباراة، يمكن أيضًا أن يتم استغلال الكثافة العددية بشكل عكسي، حيث يجمع الفريق الكرة في جبهة معينة ليس لاختراقها لكن لتقليل عدد اللاعبين في الجبهة المقابلة فيتم نقل الكرة بشكل سريع لتتحول الكثافة العددية من الجبهة التي توقعها الخصم للناحية العكسية تمامًا فتزداد فرص التسجيل، شاهد كيف يحول إنييستا الكرة من جبهة لأخرى، كرة القدم بالطبع أكبر من مجرد نقل الكرة من جبهة لأخرى، لكن هذا جزء من طريقة في مرحلة من عمر هجمة في مباراة طويلة.

هل الفريق يدافع أم يهاجم؟

يمكنك الإجابة عن هذا السؤال الصعب ببساطة عندما تعرف عدد اللاعبين في كل مرحلة من المراحل الثلاث السابقة، عندما يرتفع عدد اللاعبين في حالة الهجوم فالفريق يهاجم، وعندما يقل فالفريق متحفز بشكل أكبر، عندما تقتصر المرحلة الوسطية على تشتيت الكرة فالفريق لم يأت ليسجل.

الآن أنت أكثر تحضرا لفهم المباراة، لكن عالم كرة القدم كبير للغاية، تحتاج لأكثر من مجرد موضوع، لكن النصيحة الأخيرة: حاول أن تشاهد المباراة مرة أخرى مسجلة، بحيث تتمكن من إعادة اللقطات في المباراة وتكون قد تخلصت من الجو الحماسي الذي سيطر عليك أثناء اللقاء، في المرة الثانية ستشاهد الكرة بشكل مختلف، ستعرف السبب في الهدف الذي تلقاه فريقك بمراجعة آخر دقيقة قبل دخول الهدف، من خسر الكرة، من خرج من موقعه، أو كيف تحرك المهاجم الذي لم يشترك في الكرة أصلا لينطلق معه مدافع فيحرز لاعب آخر الهدف.

جانب آخر في التحليل الفني تجده في تحليل وقراءة الأرقام، هناك عدة مواقع توفر بشكل مباشر كل إحصائيات المباراة، تلك الأرقام ستساعدك في إثبات وجهة نظرك أو تصحيحها لك، عندما ترى أن لاعب فريقك لم يبذل المجهود الكافي للدفاع وتجده قد قطع ثماني كرات في المباراة ستعرف أنك تحتاج لمشاهدته بشكل مختلف وإعادة تقييم لاعبك، وسنحاول شرح تحليل الأرقام في تقرير لتعرف كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة والرياضة أن تساعدك في فهم أكبر لكرة القدم، وحتى ذلك الحين استمتع بمشاهدة كلاسيكو الأرض، ولا تنس أن تحتفظ بورقة وقلم لتسجيل ملاحظاتك.