هل تصمد الحصون الكتالونية أمام صاروخ مدريد في «كلاسيكو الليجا»؟

كتب: أحمد حمدي الجمعة 24-10-2014 19:15

ما بين الهجوم الكاسح للأبيض والدفاع الحديدي للبلوجرانا، يكتب فصل جديد في صراع أبناء الملك والمنشقين الكتالونيين، مساء السبت، ريـال مدريد يستضيف برشلونة، أي مباراة كبيرة تلك، إنها المباراة التي يتوقف فيها العالم لمدة 90 دقيقة لمشاهدة المعنى الحقيقي والعملي للعبة كرة القدم، تلك الكرة التي ستتشرف بملامسة أقدام لاعبين تقدر أثمانهم بالمليارات، ينقسمون إلى معسكرين، أحدهما يتزين بالأزرق والأحمر والآخر يرى في الأبيض خير ممثل لتاريخه العظيم.

وبين الأول، الذي تغلب على معاناته الدفاعية طوال العامين الماضيين ليصبح الأقوى بين دفاعات الليجا برصيد خال من الأهداف في شباكه، والثاني الذي أثبت أنه حين يمتلك سلاح دمار شامل اسمه كريستيانو رونالدو، يستطيع مدربه الإيطالي، كارلو أنشيلوتي، الجلوس ببروده المعهود على الدكة يمضغ علكته و«يضع في بطنه بطيخة صيفي»، ضامنًا فوزا ثلاثيا أو رباعيا أو خماسيا و«الحسابة بتحسب»، يبقى السؤال المحير ونحن على أعتاب الكلاسيكو، هل يوقف «الكتالونيون» الزحف المدريدي أم يدمر صاروخ ماديرا ورفاقه الحصون البرشلونية؟

لم تكن الصفقات البرشلونية هذا الصيف، مع تولي لويس إنريكي دفة القيادة، عشوائية، بل على النقيض هدفت لإصلاح مراكز عانت كثيرًا، خاصة في العامين الماضيين، وبلغت ذروتها في الموسم السابق بخروج برشلونة خالي الوفاض، وكان تعاقد إنريكي مع حارسين هما الألماني تير شتيجين والتشيلي برافو بمثابة روح جديدة تضاف للفريق بعد رحيل المخضرم، فيكتور فالديز.

كذلك استهدف إنريكي، بمهارة جراح، علاج الجرح الغائر في قلب خط دفاعه، الذي انهار مع تقدم القائد السابق كارليس بويول في العمر واعتزاله، وتذبذب مستوى جيرارد بيكيه، و«سرحان» وبطء خافيير ماسكيرانو، فتعاقد مع المخضرم ماتيو، مدافع فالنسيا الذي قارب عمره منتصف الثلاثينيات، في صفقة أسالت الكثير من الحبر.. ولم يكتف الدولي الإسباني السابق بتلك الصفقة، بل وضح إدراكه أن صلابة دفاعه لن تتحقق إلا بصلابة خط الوسط أولًا، وهو ما جعله يتعاقد مع المتألق الكرواتي راكيتيتش، ما أعاد لوسط ميدان البلوجرانا بريقه بعدما تقدم تشافي في العمر وهبط مستوى إنيستا، وضعف المساندة الدفاعية لليونيل ميسي ونيمار.

صفقة ماتيو أثبتت رؤية إنريكي الصائبة، فقدم المدافع الثلاثيني مباريات كبيرة منذ بداية الليجا، كما وضح تناغم خط الوسط والدفاع، وعودة بيكيه إلى ذاكرته الدفاعية بعد فواصل «شاكيرية» طالت لعامين، أما الحارس الجديد برافو، فأثبت أنه من طينة الكبار، فوقف حائطًا منيعًا أمام الخصوم لا يفوت كرة إلى شباكه، محطمًا رقم فالديز في الحفاظ على شباكه نظيفة، الذي سجل 686 دقيقة دون تلقي شباكه أي هدف في موسم 2008-2009، ليحافظ على عذارة شباكه في ثماني مباريات بمجموع 720 دقيقة، ويجعل التحدي الأكبر لخصوم الكتالونيين هو كيفية هز شباك العملاق الإسباني بعدما كانت المهمة أسهل كثيرًا الموسم الماضي.

وأمام تلك الصلابة الدفاعية الرهيبة للبلوجرانا، يدخل ريـال مدريد الكلاسيكو بهجوم كاسح، يقوده الدون، ومن سواه، كريستيانو رونالدو، الذي تحول إلى ماكينة أهداف بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فأحرز 15 هدفًا في 8 مباريات، محطمًا رقمًا قياسيًا بدوره استمر صامدًا لـ71 سنة باسم المهاجم أوفيدو بـ14 هدفا في 8 مباريات عام 1943-1944، أي بمعدل يفوق هدفين في المباراة الواحدة، مثبتًا إمكانياته في التهديف بكل أجزاء جسده، فهو «برجله ماشي، برأسه ماشي، بإيده ماشي».

ورغم توهج نجم الجناح البرتغالي، إلا أن هجوم الملكي قد تلقى ضربتين موجعتين قبل الكلاسيكو بإصابة القطار السريع جاريث بيل ومايسترو خط المنتصف لوكا مودريتش، وهما اللذان لعبا أدوارًا حيوية وهامة في أهداف رونالدو وباقي أهداف الريال، التي سجلها في الليجا حتى هذه المرحلة، سواء بالمساهمة فيها أو صناعتها أو حتى إحرازها بنفسيهما.

وستكون المعضلة لأنشيلوتي هي تعويض غياب هذا الثنائي الهام قبل المباراة المصيرية، والتي لن يرضى فيها عشاق ريـال مدريد بهزيمة على ملعبهم أمام غريمهم اللدود.. وسيكون اسم إيسكو مطروحًا بقوة لتعويض بيل، فيما قد يلجأ أنشيلوتي إلى خيار إياراميندي في المنتصف الدفاعي على أن يتقدم توني كروس ليغطي مكان مودريتش الشاغر، مستغلًا معدلات تمريراته العالية ومهارته في صنع اللعب.

ورغم تألق إيسكو في المباريات الأخيرة وإحرازه لهدف رائع في مباراة ليفنتي، إلا أن سرعته التي تقل كثيرًا عن بيل وكذلك احتفاظه بالكرة لفترات طويلة قد تجعل تعويضه لغياب النجم الويلزي محل شك، في ظل ضغط الدفاع القوي البرشلوني.. كما أن وجود رونالدو وحيدًا كمصدر تهديفي للريال، في ظل معدلات تهديف كريم بنزيمة المنخفضة، تجعل إيقاف رونالدو من قبل الدفاع البلوجراني بمثابة قطع رأس للأفعى المدريدية التي تلدغ خصومها، إلا أن هذه المهمة نفسها ليست بالسهلة، ولا حتى على دفاع بقوة دفاع برشلونة حاليًا، فرونالدو يعيش أعظم أوقاته ونضجه الكروي، فهل ينجح أبناء إنريكي في إيقاف المد الملكي، أم يجتاح المدريديون الحصون الكتالونية اللتي استعصت على الجميع؟.

Download Video as MP4