الحب كده!.. يطلق «كيوبيد» سهمه فيصيب القلوب ويكتب على العيون السهر وينقل المصاب إلى جسر التنهدات، ومن يتابع مباريات الكرة أو يشاهد فاترينات وسط البلد أو يدرس تاريخ الرومان فسوف يعرف أن «كيوبيد» حصل على سهمه من حصيلة بيع القطاع العام، وقال له البعض أيامها إنه ليس سهماً بل «إيد هون» فقرر «كيوبيد» أن يطلقه مثل صاروخ كوريا للاختبار.
فإذا جاء الحب من أول نظرة فهو سهم وإذا جاء من أول طبخة فهو «إيد هون»، ومن يومها توحدت دقات القلب مع خبطات الهون، مثلما تتوحد خزائن البنوك مع جيوب رجال الأعمال، والحكومة مع الحزب مع الأمن المركزى، والسلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية مع الأراضى الصحراوية.. وعلبة السجائر مع قفص الطماطم مع صندوق الانتخابات، وأصبحنا دولة مصابة بمرض التوحد..
فنحن لا نعرف «الفصل» بين السلطات، بحجة أن جواب الفصل لم يصل إلينا بعد، لذلك تجد البعض، وزيراً ونائباً وعضو لجنة وتاجر عملة ومهندساً، على ماكينة عصير قصب وصاحب مطعم ويؤجر مراجيح للدولة.. وتجد آخر مريضاً وعاطلاً وعينه وارمه وعليه شيكات وقاطعين إيده فى الخليج، لأن ناس لها سهم وناس لها «إيد هون»..
منذ قررت الحكومة أن تنتخب البرلمان وقرر البرلمان أن يرد لها الجميل، ضاعت الخطوط الفاصلة، فأصبحت المناقشات فى المقاهى والخناقات فى البرلمان وأصبح التليفزيون مخصصاً لعلاج المواطن لتتفرغ المستشفيات لسرقة الأعضاء، وتحولنا من حكومة برلمانية إلى حكومة برمائية تقوم بتجفيف النيل وتجفيف الشواطئ وتجفيف البحيرات، لتحويل البلد إلى «رنجه» توزعها على الأقارب.. الفصل بين السلطات يحقق العدل ويحقق الرقابة وعندما تحدث «جان جاك روسو» عن مبدأ «الفصل» بين السلطات أخبرناه بأن مجتمعنا له طبيعة مختلفة بأننا نفضل «الجمع» بين السلطات، لأن السلطة التنفيذية بتخاف تنام لوحدها.