تحيا مصر.. ويموت شعبها!

مي عزام الأربعاء 15-10-2014 21:19

«مصرع 27 وإصابة 18 فى حادث تصادم بين 3 سيارات بأسوان».. نص الرسالة الخبرية التى وصلتنى على تليفونى المحمول، تصلنى كل حين رسائل متشابهة، حوادث الطرق فى مصر أصبحت خبرا شبه يومى. الأرقام مذهلة ومؤلمة: 12 ألف قتيل سنويا و40 ألف مصاب. العدد يفوق شهداء الحروب التى خاضتها مصر. عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كم 131 قتيلا، أى ما يزيد على 30 ضعف المعدل العالمى، 40 حالة وفاة تشهدها الطرق و422 مصابا يوميا، يقع نحو 10 آلاف حادث سير سنويا تكلفنا 1.5 فى المائة من الناتج القومى الإجمالى.

الأسباب معروفة ومكررة، وقرأناها، وسمعناها عشرات المرات من المختصين والخبراء لخصوها فى الآتى:

1- سوء حالة الطرق وعدم مطابقتها المواصفات الهندسية.

2- استهتار ورعونة السائقين وجهل الكثيرين بقواعد المرور.

3- نسبة عالية من الحوادث تعود بشكل أساسى إلى سيارات النقل التى تسير مع السيارات الملاكى فى نفس الطريق.

4- عدم إخضاع الطرق لرقابة مشددة بالردار لرصد أى مخالفات عليه، وعدم تواجد لجان مرورية مما يسمح للسائقين بخرق القانون وتجاوز السرعة المقررة.

وروشتة العلاج معروفة أيضا، وهى:

1- إصلاح الطرق طبقا للمعايير العالمية وتوفير خدمات على الطرق السريعة وسيارات إسعاف مجهزة ومستعدة.

2- تغليظ قانون العقوبات ومعاقبة المخالفين قوانين القيادة، ورفع قيمة مخالفات السرعة.

3- إخضاع السائقين للفحص الطبى واختبارات مهنية قبل حصولهم على رخصة القيادة وتجديد هذا الفحص فى كل مرة يقوم فيها السائق بتجديد رخصته للتأكد من أن مستواه فى القيادة لم يتراجع، وأنه لا يتعاطى مخدرات أثناء القيادة ومن يثبت عليه ذلك يحرم من القيادة لفترة تصل للحرمان التام، إذا تعددت سوابقه.

4- الاهتمام بتواجد اللجان المرورية ووضع كاميرات وردار بالطرق لتسجيل المخالفات.

المعرفة لا تنقصنا. المشكلة محددة، وكذلك حلولها، لكن الواقع شىء آخر، بعد كل حادث يظل الإعلام يحذر، ويكرر ما سبق أن ذكره فى حوادث سابقة، ولكن الأمر ينتهى بالنسيان، حتى نستيقظ من غفوتنا على حادث جديد.

الحكومات المتعاقبة قبل الثورة وبعدها تتعامل مع الأمر باعتباره قضاء وقدرا، الموت علينا حق، ولكل أجل كتاب، وينحصر دورها فى نقل وعلاج المصابين مجانا فى المستشفيات الحكومية وصرف إعانة عاجلة لأسر الضحايا، تنفق على مصروفات الدفن وتكاليف العزاء.

بعد حادث أسوان الأخير، نشرت الصحف عن متابعة الرئيس للحادث، وإصداره تعليمات للحكومة بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من وقوع مثل هذه الحوادث المأساوية وحماية أرواح المواطنين.

وأنا اقرأ هذا الخبر، تذكرت عبارة السيسى الشهيرة «إنتم مش عارفين إنكو نور عينينا ولّا إيه؟» وشعرت بتقصيره فى الحفاظ على أرواح نور عينيه، فتعليماته للحكومة لا تزيد على تعليمات من سبقوه من سكان قصر الرئاسة، توجيهات سرعان ما تنساها الحكومة المثقلة بالهموم، والتى تسير وفق برنامج وأولويات تحافظ من خلالها على حياة مصر الدولة والنظام، وليس حياة المصريين.

ولكن علينا جميعا، حكومة وشعبا، أن نتوقف، ونسأل أنفسنا: هل الحفاظ على حياة المواطن أهم، أم ملفات الاستثمار والتنمية والتحديث والمشروعات الجديدة العملاقة وتحسين الخدمات... إلخ؟

حق البقاء على قيد الحياة يسبق كل الحقوق الأخرى أيها السادة، وأن لم تؤمنوا بذلك، فلن تجدوا فى النهاية شعبا لتحكموه.. ولا حياة لمصر دون المصريين.

ektebly@hotmail.com