عقدت حكومة التوافق الفلسطينية، برئاسة رامى الحمدالله، أمس، جلستها الأولى فى قطاع غزة منذ تشكيل الحكومة فى يونيو الماضى، ليكون هذا الاجتماع أيضًا هو الأول لحكومة توافق منذ الانقسام الفلسطينى فى 2007. وشدد «الحمدالله»، خلال الجلسة، على أن أولويات حكومته هى «إعادة الإعمار وإعادة توحيد المؤسسات». وقال رئيس الحكومة الفلسطينية فى مستهل الجلسة: «ما رأيناه اليوم مخيف ومؤلم جدًا، الصورة الآن أصبحت واضحة بالنسبة لنا.. إعادة الإعمار على أعلى سلم أولوياتنا»، وذلك بعدما قام رامى الحمدالله وأعضاء حكومته بجولة تفقدية فى القطاع لمتابعة آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وما خلّفته من دمار واسع فى المنازل والبنية التحتية، خاصة فى بلدة بيت حانون، شمال القطاع، وحى الشجاعية الأكثر تضررًا من القصف الإسرائيلى، شرق مدينة غزة. وقبيل عقد الاجتماع، قال الناطق باسم الحكومة، إيهاب بسيسو، إن الاجتماع «سيبحث قضايا إعادة الإعمار، ووضع اللمسات الأخيرة على استعدادات الحكومة لمؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة»، المزمع عقده بعد غد فى القاهرة، كما أوضح أن زيارة الحمدالله تتضمن لقاء نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، إسماعيل هنية، وجولات تفقدية فى القطاع. وكان الحمدالله اجتاز، صباح أمس، وبرفقته الوزراء القادمون من الضفة الغربية ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، معبر بيت حانون (إيريز) إلى قطاع غزة، حيث كان فى استقبالهم قادة عدد من الفصائل الفلسطينية، على رأسها حركتا «فتح» و«حماس»، كما احتشد الآلاف من أنصار الحركتين قرب النقطة التى تفصل غزة عن إسرائيل، للترحيب بأعضاء الحكومة خلال هذه الزيارة ذات الدلالة المهمة. وقال الحمدالله، فى مؤتمر صحفى عقده فى معبر بيت حانون فور وصوله: «جئتكم اليوم ممثلًا عن الرئيس، وعلى رأس حكومة الوفاق، لنباشر مهماتنا فى الاطلاع على احتياجاتكم، وإعادة إعمار وتأهيل ما دمره العدوان، والنهوض بكل القطاعات». وأضاف: «إننا أمام واجب إنسانى وأخلاقى ووطنى أمام أهلنا فى غزة، لقد وضعنا سنوات الانقسام وراءنا.. وأهم أولويات الحكومة هى ضمان عودة غزة إلى الحياة الطبيعية، والعودة إلى الوحدة مع الضفة الغربية»، وأكد التزام حكومة التوافق بمعالجة آثار الانقسام الفلسطينى الداخلى، معتبرًا زيارة غزة «فرصة تاريخية».
وقبل يومين من انعقاد مؤتمر المانحين الدوليين لإعادة إعمار غزة فى القاهرة، قال «الحمدالله»: «سنحمل إلى المؤتمر رزمة كاملة وشاملة لما نتج عن جرائم الاحتلال والدمار فى قطاع غزة. وضعنا خططًا وطنية لتحقيق التنمية الشاملة فى غزة، وسنعرضها على مؤتمر المانحين».
انتشر عناصر أمن «حماس» على معبر بيت حانون لتأمين زيارة الوفد الحكومى، كما انتشر عدد كبير منهم فى شوارع مدينة غزة، ولاسيما فى محيط منزل الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، غرب المدينة، والذى اجتمعت فيه حكومة التوافق عند الظهر. ومن ناحيتها، رحبت «حماس» بزيارة الحمدالله ووزراء حكومة التوافق إلى غزة، ودعا المتحدث باسم الحركة، سامى أبوزهرى، الحكومة «إلى الوفاء بمسؤولياتها كاملة تجاه أهل القطاع».
وكانت حركتا «فتح» و«حماس» وقعتا اتفاق مصالحة وطنية فى أبريل الماضى، بهدف إصلاح العلاقات بينهما، والتى تدهورت عندما طردت حركة «حماس» «فتح» من غزة إثر اشتباكات دموية فى 2007. وبدأت الحكومة مهامها فى يونيو الماضى، فى مدينة رام الله فى الضفة الغربية، إلا أنها لم تعقد أى اجتماع فى غزة، التى شهدت حربًا مدمرة مع إسرائيل استمرت 50 يومًا الصيف الماضى.
ودأبت الحكومة على عقد اجتماعاتها عبر تقنية الأقمار الصناعية (فيديو كونفرانس)، فى ظل رفض السلطات الإسرائيلية منح وزراء قطاع غزة التصاريح اللازمة للسفر إلى الضفة الغربية. وتضم حكومة التوافق الفلسطينية، 18 وزيرًا، بينهم 5 من قطاع غزة، أحدهم مقيم فى رام الله بالضفة الغربية.
وتأتى زيارة الحمدالله إلى غزة قبيل انعقاد مؤتمر المانحين الدوليين فى القاهرة بعد غد، برعاية مصرية ونرويجية، وتأمل السلطة الفلسطينية فى الحصول على حوالى 4 مليارات دولار لإعادة إعمار قطاع غزة. وقبل توجه وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، إلى القاهرة للمشاركة فى المؤتمر، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جنيفر ساكى، أمس الأول، إن على إسرائيل أن تساهم فى إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، وأضافت: «لاحظنا بارتياح أن الأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية اتفقت على إجراءات تهدف إلى تسريع نقل مواد المساعدة إلى غزة، مع الأخذ بالاعتبار ضرورات إسرائيل الأمنية»، على حد قولها. ومن جهته، قال السفير الفلسطينى لدى مصر، جمال الشوبكى، إنه تم توجيه الدعوة لأكثر من 30 وزير خارجية، و50 وفداً من دول مختلفة، بينها تركيا وقطر، للمشاركة فى مؤتمر غزة، الذى تستضيفه مصر دون أن يحدد مستوى تمثيل كل من أنقرة والدوحة.