ونحن فى هذه الأيام «المفترجة» التى يتزامن فيها عيد الأضحى المبارك مع ذكرى نصر أكتوبر العظيم، ووقت الإجازات والراحة وهدوء الأعصاب، لا أريد أن أكون مزعجا، أو منتقدا أحدا، أو مغردا خارج السرب، بل سأصطف فى الطابور، وأحيى مسؤولى الزمالك على قرارهم الحكيم إقالة حسام حسن الذى لم يفلح مع منتخب الأندية أو لاعبى فريق الأحلام، الذين تعاقد معهم النادى مطلع هذا الموسم، وتعادل فى مباراتين بالدورى الممتاز، وفاز فى واحدة، وخسر أربع نقاط غالية، ما يعد انكسارا لناد عظيم يسعى نحو البطولات، ووفّر له مجلس إدارته لبن العصفور، وهذا الإجراء الإصلاحى سيكون سيفاً على رقبة أى مدرب تسول له نفسه أنه سيترك للمحاسبة حتى آخر الموسم، فهذه القواعد الكروية القديمة البالية التى يطبقها العالم، ويقلدها النادى الأهلى- لم يعد لها مكان بيننا، فبعد ثورتين من المفترض أن تتغير قواعد اللعبة، ومفاهيم الإدارة التى يجب أن تقوم على أساس المحاسبة والذبح على رأس الميت، بمعنى «اللى يخسر يروح، والكسبان يستمر على الترابيزة»، أما أن نترك المدرب حتى لو هبط الفريق للدرجة الثانية، فهذا كلام يصلح مع الأندية السلفية المتحجرة التى تعيش على أطلال الماضى، مثل الأهلى، فمدربه الإسبانى خسر أولى مبارياته فى الدورى أمام فريق الرجاء حديث العهد بالدورى الممتاز (فريق بلا تاريخ)، ولم تحرك الإدارة ساكناً، وأعطت للاعبين إجازة، وزادت الطين بلة بصرف مكافآتهم عن الفوز بالسوبر المحلى والتأهل لنهائى الكونفيدرالية الأفريقية، وعندما سألت مسؤولا أهلاويا عن الأمر، واتهمته بالبرود، كان رده أن بطولة الدورى طويلة، وما زال أمام الفريق ٣٧ مباراة، فقلت له: هذا كلام الضعفاء الذين يهربون من المواجهة، الأمر الذى يتنافى مع المثل الشعبى القائل «الجواب بيبان من عنوانه»، فرد: «طب ما الزمالك فاز بستة.. العنوان ماعجبكش ليه وأبقيتوا على حسام»، وزاد بأن قال: «يوم ١٦ يونيو، رحل هشام يكن، وطارق السيد، المدربان، وحمادة أنور، إدارى الزمالك، بعد الخسارة أمامنا فى الدورة الرباعية، وعين مدحت عبدالهادى، ومحمد عويس، مدربين، وعين جهاز إدارى جديد بقيادة سيد متولى».
وتابع: «فى ٢٩ يونيو أقيل أحمد عبدالحليم، مدير الكرة، وعبدالرحيم محمد، المدرب العام، على خلفية الخسارة من سموحة فى الرباعية، وعين محمد صلاح مدرباً عاما،ً وعبدالحليم على، مديراً للكرة، وفى ٣٠ يوليو، رحل ميدو، ومعه محمد صلاح، ومدحت عبدالهادى، وأيمن طاهر، وعبدالحليم على، وسيد متولى، وتولى حسام حسن المهمة، ومعه إبراهيم حسن، مديراً للكرة، وطارق سليمان، مدرباً عاما، وحسن مصطفى، مدرباً، وعماد المندوه، مدرباً لحراس المرمى، ووليد بدر، مديرا إدارياً، فى ٢ أكتوبر، وبعد التعادل أمام الداخلية. أقيل الجهاز الفنى بالكامل، بقيادة حسام حسن، بعد 62 يوماً، وعين محمد صلاح، مديرا فنيا مؤقتا، وعلاء عبدالغنى، مدربا، وإسماعيل يوسف، مديراً للكرة، وأيمن طاهر، مدرب حراس مرمى، وحمادة أنور، مديرا إداريا.. «إيه رأيك؟».
قلت له: «أنت أهلاوى حاقد على الزمالك، ونسيت أن الأهلى أقال محمد يوسف، المدير الفنى، وسيد عبدالحفيظ، مدير الكرة، وهادى خشبة، المشرف على الكرة، وعين فتحى مبروك، ثم جاء الإسبانى جاريدو. فرد: فعلاً حصل، بس إحنا لم نقلهم لتعادل أو خسارة، بل لأسباب إدارية بعد تجاوزهم قواعد العلاقة مع مجلس الإدارة، وتدخلهم فيما لا يعنيهم، لكننا فزنا بالدورى، وكأس السوبر، ووصلنا لنهائى الكونفيدرالية التى لم يصل إليها فريق مصرى، فقلت: الزمالك فاز بالكأس، وهياخد الدورى غصب عن عين التخين، ومجلس الإدارة وعد جمهوره، إما الدورى أو الرحيل، يعنى كسبانين كسبانين».
■ ■ ■
ما أدهشنى فى إقالة حسام حسن، هو حسام حسن نفسه، وعدت بالذاكرة أيام كان لاعباً فى الأهلى، عندما قررت الإدارة التجديد له دون توأمه، فثار، ورفض، ورحل إلى الزمالك، وما زال حتى اليوم يهاجم ناديه الذى صنع له تاريخه ونجوميته، وشارك معه فى أحلى أوقات حياته، وحقق معه أرقامه القياسية، بينما الآن أجده صامتاً مستكيناً لا يصد، ولا يرد، ويرفض حتى توضيح موقفه، والرد على اتهامه بالفشل مع الزمالك، وهو الذى ترك من أجله تدريب المنتخب الأردنى، ليجلس بعد شهرين عاطلاً بشهادة فشل.. فسبحان مغير الأحوال!
■ ■ ■
أقف عاجزا عن التفكير فيما يمكن أن نقوله عن اتحاد الكرة الحالى، وفشله منقطع النظير فى إدارة المنتخبات، وهو الدور الإساسى المنوط به، وكيف لنا أن نعيب عليه الخروج المخزى لمنتخبات الناشئين والشباب من التصفيات المؤهلة للأمم الأفريقية، وفى الطريق المنتخب الأول، فالكلام وانتقاد هؤلاء الفاشلين مضيعة للوقت، وإهدار للجهد، واستنفاد لحبر وورق لا يستحقونه، ليس لعيب شخصى فيهم، بل لأنهم ليسوا أهل علم أو إدارة أو كرة، فالذنب ليس ذنبهم، لكنه جريمة من ساعدهم ليجلسواعلى مقاعدهم (وأقصد الصديق العزيز هانى أبوريدة)، فكيف لنا أن نطلب من مجموعة أفراد كل خبراتهم وتاريخهم وسيرتهم الذاتية لم تتجاوز إدارة ناد درجة تانية، أو تالتة، أو مركز شباب، أن يديروا الكرة المصرية؟ كيف لنا أن نطلب من رئيس منطقة الأقصر أو رئيس مجلس شباب البدرشين، أو نادى الحامول أو الترسانة، أن يديروا الكرة المصرية؟ فالهزائم التى نلقاها والفضائح التى نسمعها، والإهانات الكروية التى تصدمنا أخبارها كل يوم طبيعية ومنطقية، فهم على المستوى الكروى لم يعملوا تحت ضغط جماهيرى، وأقصى طموحهم صعود أنديتهم ومراكز شبابهم من الدرجة الثالثة للثانية، وكانت أهدفهم أن يرضى عنهم المحافظ، أو ينظر لهم وزير الرياضة بعين الرحمة، ويصرف لهم إعانة ١٠ آلاف جنيه، فمن أين سيأتون بالخبرة أو الدراية لإدارة ميزانية بالملايين فى اتحاد الكرة، او للتعامل مع منتخبات يشجعها ٩٠ مليون مواطن؟ وكيف لنا أن نطلب منهم اختيار أجهزة فنية، وهم الذين كانوا قبل مجيئهم يتلهفون لالتقاط الصور إلى جوار المشاهير والنجوم، وصاروا بين عشية وضحاها المسيطرين والمتحكمين فى أقدارهم وأقدارنا الكروية؟ لذا لم يكن غريباً أن يأتوا بأصدقائهم ومعارفهم، ويولوا أمر المنتخبات لأصحاب الوسائط والمحاسيب، وليس عجيباً أن تنهار المنتخبات بهذا الشكل، والمصيبة أنهم لا يكتفون بجهلهم بالإدارة الكروية، بل زادتهم المقاعد بجاحة، وراحو يطلبون من وزارة الرياضة ٢٢ مليون جنيه لإعداد المنتخب الأوليمبى للدورة الأوليمبية فى البرازيل، وهم لا يستحقون ٢٢ جنيها!.
لكن يبقى السؤال: كيف يمكن أن ينزاح هذا الكابوس عن صدر الكرة المصرية دون الدخول فى أزمة مع «فيفا»؟ والإجابة: «اللى حضّر العفريت يصرفه، إذا كان يحب هذا البلد، ولا يريد أن يغرق أكثر من ذلك، وما دام اللى حضّر العفريت هانى أبوريدة، فعليه أن يصرفه، ويطلب منهم الاستقالة».