نشر أرشيف دولة إسرائيل وأرشيف الجيش الإسرائيلى ما يقرب من عشرة آلاف صفحة من وثائق حرب أكتوبر السرية، التى تم حذف العديد من الأجزاء المهمة منها فى محاولة لإنكار النصر لكننا تمكنا من اكتشافها عندما حاولنا كفريق بحث مصرى الاطلاع اكتشفنا أن الجيش الإسرائيلى وضع عقبات تكنولوجية عديدة تحول بين الباحثين المصريين بالتحديد وبين الاطلاع على نصوص الوثائق. واكتشفنا أيضاً أن الباحثين الذين يدخلون إلى موقع أرشيف الجيش من دول أخرى غير مصر يسمح لهم بذلك، واكتشفنا أيضاً أن الوثائق منشورة على الموقع بطريقة تحول بيننا وبين طبعها فى نسخة ورقية. وأقول لكم بصراحة إن مشاركتى المباشرة فى المعارك ضد إسرائيل بدءاً من حرب 1967 ومروراً بحرب الاستنزاف ووصولاً إلى انتصار أكتوبر 1973 علمتنى ألا أستسلم أمام الموانع التى تضعها إسرائيل وجيشها على غرار خط حصون بارليف على حافة القناة الذى كان يهدف إلى منعنا من العبور. توكلت على الله وقبلت التحدى فأنا أرى أنه من حقنا الوطنى، كمصريين، أن نطالع هذه الوثائق لنتعرف بدقة وبالتفاصيل على الآثار التى أوقعناها فى صفوف القيادات السياسية والعسكرية والمخابراتية، كذلك فإنه من حقنا أن نتيح لباحثينا الشبان فى المجالات المختلفة فرصة الدراسة العميقة للتجربة واستخلاص الدروس المستفادة تحسباً ليوم تقرر أطماع التوسع الإسرائيلية أن تتمدد مرة أخرى فى سيناء. استطاع فريق مصرى من شباب تكنولوجيا المعلومات أن يعاوننى فى تجاوز العقبات ووضعت يدى على ما هو حق لنا، أى جميع الوثائق فى أصولها العبرية.
إن هذه القصة يجب أن تثير سؤالا عند القارئ وهو.. لماذا يريد الإسرائيليون حرماننا فى مصر من دراسة هذه الوثائق والاطلاع عليها؟ أعتقد أن محتوى النصوص يجيب عن هذا السؤال. لقد تعمدوا حجب أهم الوثائق الخاصة بالقيادات العليا مدة تتراوح بين أربعين وخمسين سنة وعندما نشروا بعضها مؤخراً حاولوا منعنا من الاطلاع عليها حفاظاً على معنويات أجيالهم القديمة والجديدة من الحقائق المريرة التى تكشف عنها التفاصيل والتى دعت الصحف الإسرائيلية رغم مرور أربعة عقود وأكثر إلى وصف أداء الحكومة وقيادة الجيش وقيادة المخابرات بالأداء القزم أمام أداء المصريين العملاق. لقد قررت أن أتيح هذه الوثائق بكاملها للقارئ المصرى باللغة العربية وذلك بترجمتها كاملة بمعاونة فريق من أبناء كتيبة العبرى المصرية الممتازين ونشرها على أجزاء بالمركز القومى للترجمة اعتباراً من أكتوبر 2014.
اسمحوا لى بأن أخص قارئ «المصرى اليوم» بعرض للمعلومات التى لم يسبق نشرها للصحافة الإسرائيلية أو العربية أو الدولية خصوصاً أننا عكفنا على دراسة الوثائق والكشف عن الممنوع والمحذوف منها.
أولاً: المخابرات المصرية تخترق محطة التنصت الإسرائيلية المتطورة فى أم خشيب وتستخدمها لإمداد إسرائيل بمعلومات مضللة.
إن هذه إحدى حكايات الأداء المخابراتى المصرى العملاق التى لم تنشر من قبل. كيف توصلنا إلى هذه الحكاية؟ سأحكى لكم.
لقد لاحظت أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية قامت بحذف مواضع فى نصوص الوثائق المنشورة تتراوح بين كلمات أحياناً وأسطر أحياناً أخرى وفقرات أحياناً ثالثة. أعطيت تعليماتى لفريق الترجمة بضرورة إثبات هذه المواضع بعبارة «حذف بواسطة الرقابة العسكرية الإسرائيلية بمقدار كذا». كان هدفى أن أعطى الباحثين والقراء فرصة للتقصى والتحرى عن المعلومات المحذوفة فلدينا جيل كامل شارك فى الحرب ويستطيع المعاونة فى هذه المهمة.
لفت نظرى أن هناك حذفا متكررا فى شهادات كبار المسؤولين مثل رئيسة الوزراء جولدا مائير ووزير الدفاع موشيه ديان ورئيس الأركان دافيد اليعازر ورئيس المخابرات العسكرية الياهو زاعيرا. كان الحذف يظهر عندما يسأل أعضاء لجنة أجرانات التى شكلت للتحقيق فى الهزيمة بعد الحرب أحد هؤلاء المسؤولين عما إذا كان الشىء المحذوف قد فتح فى الفترة الحرجة السابقة على الحرب مباشرة. وأحياناً كان السؤال يقول عندما ارتحتم إلى تقدير للموقف يقول إن الحشود المصرية على القناة ليست سوى مناورة هل كان هذا التقدير مستنداً إلى معلومات دقيقة وهل تأكدتم من أن الشىء المحذوف قد تم حذفه.
إن الإجابات المباشرة هى الأخرى من جانب المسؤولين كانت تتعرض للحذف حتى لا نفهم ما هو هذا الشىء.
إننى أرجح من قراءتى للوثائق العديدة أن هذا الشىء كان محطة عملاقة متطورة بمعايير ذلك الوقت للتنصت على مقار القيادة المصرية وأحاديث القادة وكان مقرها أم خشيب. كذلك أرجح أن المخابرات المصرية قد اكتشفت هذه المحطة واستطاعت اختراق نظامها وبالتالى استخدمتها فى تمرير معلومات مضللة إلى المخابرات الإسرائيلية لإخفاء النوايا الحقيقية وراء الحشود المصرية. الدليل على ذلك ما ذكره وزير الدفاع موشيه ديان من أن جهازى المخابرات العسكرية والموساد «المخابرات العامة» ظلا مصممين حتى دخول ليل يوم الخامس من أكتوبر ومجىء يوم السادس من أكتوبر على أن احتمال الهجوم المصرى احتمال ضعيف. سأترك تفاصيل هذا الاكتشاف للمخابرات المصرية إذا أرادت أن تعلن عنه بعد مرور كل هذا الزمن. بقى أن أقول إننى فهمت من نصوص الوثائق أن هذا الشىء كان مدخراً للأوقات الحرجة ولم يكن يفتح إلا لفترات قصيرة حتى لا يكتشفه المصريون. المزيد
لا يتذكر عدد العمليات التى نفذها فى حياته.. فقد اعتاد أن تكون حياته كلها «قتالا». كان عنصراً أساسياً فى أهم مجموعتين أنشأتهما المخابرات الحربية عقب معارك يونيو 1967، وهما «منظمة سيناء العربية» و«المجموعة 39 قتال». اللواء أحمد رجائى عطية، مؤسس وحدة مكافحة الإرهاب «777»، يكشف لـ«المصرى اليوم» عدداً من أهم عمليات منظمة سيناء التى اعتمدت فى تنفيذ غالبيتها على «البدو»، الذين أصبحوا عناصر استطلاع بشرى متحركة!
كثيرون لا يعلمون كيف نشأت منظمة سيناء العربية.. وكيف استطاعت المخابرات الحربية أن تحول بدو سيناء إلى عناصر استطلاع تستكشف جبهة القتال مع العدو من داخل مواقعه!
المزيد