دعوتُ اللهَ يوماً فأجابَ وأكرمنا بخير الواجباتِ.. وباركَ عترتى وأتمّ دينى بحج البيتِ موفور الصِفاتِ.. وأدركنى شعورٌ لم أذقهُ بأيامى التى شهدت حياتى.. فجاء المالُ أجمعهُ حلالاً وحَمّلتُ الجوارح أمنياتى.. وفى الميقاتِ أحرمتُ لربّى عظيم فى الكمال وفى الصفاتِ.. وسقت الهدىَ قاصداً التمتع لأعبد رَبنَا وأصون ذاتى.. دخلتُ البيتَ من بابِ السلام فأجرى الدمعُ من عينى آهاتى.. بحجرٍ طاهرٍ بدأ طوافى بسبعٍٍِ للذنوبِ مطهّرات.
وعِند الكعبةِ كان ابتهالى إلى الرحمن أسباب النجاة.. وخلف مقامِ إبراهيم قمتُ وصليت اثنتينَ بالآياتِ.. شربتُ المـاءَ من زمزمِ فُراتاً فزالت علّّتى ومُنغّصاتى.. بدأتُ السعْىَ من جبلٍ عظيمٍ وكبّرتُ لربّى تَكبيراتى.. وسِرتُ من الصفا أعدو رويداً إلى شاراتِ خُضرٍ بالثباتِ.. وعند المروةِ أتممتُ سَعيى وحلقتُ الذنوبَ ومُنبتاتى.. ويوم الثامنِ يوم التروّى عدوتُ إلى مِنى بالذكرياتِ.. وفجرُ التاسع سِرنا سوياً مُحمّلا بالمعاصى المُهلكاتِ.. إلى جبلٍ أنار اليوم دربى به كل الآمال المُنقذاتِ.. وتختنق الدموعُ بمقلتىّ تُعاتبُ فى ذنوبى الماضياتِ.. وأرجو فى إلهى بكل خـوف وذلٍ فى الجوارح خاشعات.. لصوتِ بكائِها يهتزُّ قلبى وقد عانت جنون اللاهياتِ.. وغابت شمسُ يومٍ فيه كانَ كثيرُ المعتقين والمُعتقاتِ.. إلى مزدلفة سِرنا نلبّى نداءَ الحق ربّ المكرَماتِ.. وبتنا بها إلى بزوغ فجـرٍ دُفعنا إلى مِنى كالطوّافاتِ.. كأمواجِ البحار بكلِّ حبٍ وحبُّ اللهِ قد أعلى حياتى.. نحلّقُ أو نقصّرُ أو نضحّى ونرمى العقبة بالراجماتِ.. وزرنا البيتَ سعياً أو طوافاً وهم للحجِ نصف المفروضات.. وبِتنا فى مِنى نذكر ثلاثاً وأرمى كى أكفّر مُهلكاتى.. وعند وداعنا للبيتِ طُفنا بكل الشوق ثارت ذكرياتى.. فزرنا مسجد المختار حباً شفيع القوم من بعد المماتِ.. مدينة سيّدى كانت ختاماً وعُدنا للكفاحِ وللحياةِ.
دكتور. صبرى إسماعيل