«زي النهاردة» استشهاد الطفل محمد الدرة على يد قناصة إسرائيليين

كتب: ماهر حسن الثلاثاء 30-09-2014 06:53

محمّد،

يعشّش في حضن والده طائراً خائفاً

من جحيم السماء: احمني يا أبي

من الطيران إلى فوق! إنّ جناحي

صغيرٌ على الريح… والضوء أسود

محمّد،

يريد الرجوع إلى البيت، من

دون درّاجة… أو قميصٍ جديد

يريد الذهاب إلى المقعد المدرسيّ…

إلى دفتر الصرف والنحو: خذني

إلى بيتنا، يا أبي، كي أعدّ دروسي

وأكمل عمري رويداً رويداً…

على شاطئ البحر، تحت النخيل

ولا شيء أبعد، لا شيء أبعد

محمّد..

هذا بعض من قصيدة «محمد» الطويلة التي كتبها الشاعر العربى الكبير محمود درويش عن الطفل الشهيد محمد الدرة الذي استشهد برصاص قناصة إسرائيليين «زي النهاردة» في 30 سبتمبر 2000.

كان محمد جمال الدرة خارجا مع أبيه في شارع صلاح الدين بين نتساريم وغزة فدخلا منطقة فيها إطلاق نار عشوائي فقام الأب بالاحتماء مع ابنه، خلف برميل واستمر إطلاق النار ناحية الأب وابنه، وحاول الأب الإشارة إلى مطلقى النار بالتوقف، ولكن إطلاق النار استمر وحاول الأب حماية ابنه ولكنه لم يستطع أصابت عدة رصاصات جسم الأب والابن، وسقط محمد الدرة في مشهد حى نقلته عدسة مصور وكالة الأنباء الفرنسية لجميع العالم.

وقد سجل المصور طلال أبورحمة شهادته عن الحادث فقال: «بدا لى جلياً أن إطلاق النار ناحية الطفل محمد وأبيه بشكل مُركّز ومتقطّع باتجاه مباشر ناحية الاثنين (الأب والطفل) وناحية مراكز قوات حفظ الأمن الفلسطينية وكانت الطلقات التي أودت بمحمد الدرة وأصابت أباه من أبراج المراقبة الإسرائيلية لأنه المكان الوحيد الذي من الممكن إطلاق النار منه تجاه الأب والطفل.

قصيدة «محمد» كاملة لمحمود درويش في رثاء محمد الدرة

محمّد،

يعشّش في حضن والده طائراً خائفاً

من جحيم السماء: احمني يا أبي

من الطيران إلى فوق! إنّ جناحي

صغيرٌ على الريح… والضوء أسود

محمّد،

يريد الرجوع إلى البيت، من

دون درّاجة… أو قميصٍ جديد

يريد الذهاب إلى المقعد المدرسيّ…

إلى دفتر الصرف والنحو: خذني

إلى بيتنا، يا أبي، كي أعدّ دروسي

وأكمل عمري رويداً رويداً…

على شاطئ البحر، تحت النخيل

ولا شيء أبعد، لا شيء أبعد

محمّد،

يواجه جيشاً، بلا حجرٍ أو شظايا

كواكب، لم ينتبه للجدار ليكتب:

“حريتي لن تموت“.

فليست له، بعد، حريّة

ليدافع عنها. ولا أفقٌ لحمامة بابلو بيكاسو.

وما زال يولد، ما زال

يولد في اسمٍ يحمّله لعنة الاسم. كم

مرةً سوف يولد من نفسه ولداً

ناقصاً بلداً… ناقصاً موعداً للطفولة؟

أين سيحلم لو جاءه الحلم…

والأرض جرح… ومعبد؟

محمّد..

يرى موته قادماً لا محالة. لكنّه

يتذكر فهداً رآه على شاشة التلفزيون،

فهداً قوياً يحاصر ظبياً رضيعاً.

وحين

دنا منه شمّ الحليب،

فلم يفترسه.

كأنّ الحليب يروّض وحش الفلاة.

إذن، سوف أنجو – يقول الصبيّ -

ويبكي: فإنّ حياتي هناك مخبأة

في خزانة أمي، سأنجو… واشهد.

محمّد،

ملاكٌ فقيرٌ على قاب قوسين من

بندقية صيّادة البارد الدم.

من

ساعةٍ ترصد الكاميرا حركات الصبي

الذي يتوحّد في ظلّه

وجهه، كالضحى، واضح

قلبه، مثل تفاحة، واضح

وأصابعه العشر، كالشمع، واضحة

والندى فوق سرواله واضح…

كان في وسع صيّادٍهٍ أن يفكّر بالأمر

ثانيةً، ويقول: سـأتركه ريثما يتهجّى

فلسطينه دون ما خطأ…

سوف أتركه الآن رهن ضميري

وأقتله، في غدٍ، عندما يتمرّد!

محمّد،

يسوع صغير ينام ويحلم في

قلب أيقونةٍ

صنعت من نحاس

ومن غصن زيتونة

ومن روح شعب تجدّد

محمّد،

دمٌ زاد عن حاجة الأنبياء

إلى ما يريدون، فاصعد

إلى سدرة المنتهى

يا محمد