الإخوان فى شو إعلامى مع حكومة «الجنزورى»

صبري غنيم الأربعاء 07-03-2012 21:00

صدمتى فى الإخوان أنهم يستخفّون بعقولنا بعد أن تربعوا على مقاعد البرلمان.. مع أن الشارع المصرى - وأنا واحد منه - تعاطف معهم، ونحن الذين أخذنا بأيديهم إلى هذه المقاعد على اعتبار أنهم فعلا كانوا ضحايا النظام السابق، وعلى أيامه دفعوا ثمن رسالتهم السامية فى السجون والمعتقلات.

وكون أن الشارع المصرى يتوقع من الإخوان، بعد أن أصبحت الكلمة كلمتهم فى البرلمان، أن يكونوا سندا لأجهزة الأمن فى إعادة الأمان لهذا البلد فهذا هو الطبيعى.. لكن أن يتحولوا إلى جلادين ويأتوا بوزير الداخلية فى محاكمة علنية على الهواء.. هذا هو ليس الطبيعى لأن هذا التوقيت ليس لتصفية الحسابات القديمة، خاصة أن الرجل لا دخل له فيها إن كان سلفه على أيام النظام هو المدان..

.. ناهيك عما حدث داخل البرلمان والتهجم على وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الذى نزل إلى الشارع والميدان فأحدث رعباً فى صفوف البلطجية، فلماذا لم نساند نجاحاته فى ملاحقة الخارجين على القانون، هل عزَّ على أعضاء مجلس الشعب هذا الاستقرار، فراحوا يلطّشون فيه وفى رجاله وكأن هناك «تار بايت» بينهما؟!

الذى يؤسف له أن المجلس وقتها خسر معركته مع وزير الداخلية الذى كان صامدا فى مواجهة خصومه داخل المجلس، ويومها حصل الوزير على تأييد شعبى وتعاطف داخل كل بيت، وأمام هزيمة النواب الذين صبوا هجومهم على وزير الداخلية خرج الشارع المصرى يسأل: أين خارطة الطريق لإعادة الأمن؟ فقد كان الأهالى ينتظرون من نواب الشعب الذين خذلونا أن يتقدموا بخطة لإعادة الأمن والأمان، أو يطالبوا بتشريع لتغليظ عقوبة الخطف أو حمل السلاح دون ترخيص.

عجبى أن يطالب الإخوان بسحب الثقة من حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة ائتلافية برئاسة أحد أقطاب الإخوان.. ثم أى عقل يصدق هذا المطلب الذى يأتى فى غير موعده.. مع أنهم سكتوا على حكومة شرف أكثر من ستة أشهر، هل لأنها كانت على قلبهم مثل العسل عندما تبنت أسلوب «الطبطبة» وخرجت بخفى حنين.. أنا شخصيا لا أعرف ما هى عيوب حكومة الجنزورى مع أنها تسير بسرعة «المجرى»، تكنس أمامها الأوهام التى كانت تتبناها الحكومة السابقة.. مع أن الإخوان الذين يتمتعون بالحنكة والنضج السياسى كانوا أول المؤيدين لحكومة الإنقاذ الوطنى.. انقلبوا فجأة وأعلنوا فى الفضائيات والصحف اليومية أنهم يطالبون بسحب الثقة وهم لا يملكون حق السحب، لأن الذى يملك الحق هو المجلس العسكرى طبقا للإعلان الدستورى، على اعتبار أنه القائم بعمل رئيس الجمهورية، وتتمثل اختصاصاته فى تشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة وتعيين أعضاء مجلس الشعب ودعوة المجلس للانعقاد وتمثيل الدولة فى الداخل والخارج وإبرام المعاهدات.

كما تتضمن المادة 56 فى الإعلان الدستورى «البند السابع منها» ما ينص صراحة على أن من بين اختصاص المجلس العسكرى تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاءهم من مناصبهم.

.. من المؤكد أن الذى يحدث على الساحة السياسية هو للفرقعة السياسية وليس للمطالب الحقيقية.. فقد كنا نتوقع أن يخطو المجلس خطوات إيجابية فى وضع استراتيجية لإعادة بناء مصر.. وإذا كان المجلس قد ضم بين أعضائه ممثلين لكل أطياف الشعب فمن المؤكد أنهم على علم بأوجاع الشعب، وأن حكومة مثل حكومة الجنزورى أو غيرها لا يمكن أن تحقق طموح هذا الشعب دون استقرار أمنى وعودة الاستثمار.. وفتح فرص للعمالة التى تجمدت وانشقت عنها قلة فى أعمال إجرامية رغم أن الإجرام ليس من طبيعتها، لكن ظروف المعيشة هى التى أجبرتها على الانشقاق والتمرد على المجتمع.

مجلس الشعب على علم بسيكولوجية المصريين، فالمصرى يموت جوعا فى سبيل قضية.. لكن قضيتنا مع النظام انتهت بسقوطه.. ولم تعد عندنا قضية الآن إلا الاستقرار وعودة الأمن والأمان.. وما ننتظره من مجلس الشعب أن يضع رؤاه ومقترحاته لا بطلب تغيير الحكومة.. ولكن بمساندة الحكومة.

ghoneim-s@hotmail.com