«عضوية اليونسكو».. بداية الطريق إلى الأمم المتحدة

جيهان فوزي السبت 05-11-2011 08:00

لم تنفع التهديدات الأمريكية والإسرائيلية والتحفظات الأوروبية فى ثنى المؤتمر العام لليونسكو، عن التصويت لصالح انضمام فلسطين كدولة كاملة العضوية إلى منظمة التربية والعلوم والثقافة، وأصيبت الدبلوماسية الأمريكية بنكسة كبرى فى المنظمة الدولية، حيث ألقت بكامل ثقلها لمنعها من التصويت لصالح الطلب الفلسطينى، مغدقة الوعود هنا وملوحة بالعصا الغليظة هناك.

الفوز السياسى الدبلوماسى، الذى حققه الجانب الفلسطينى-العربى، يأتى مستندا على دعم غالبية الدول الأفريقية ودول المؤتمر الإسلامى وأمريكا اللاتينية وعدد غير قليل من الدول الأوروبية، ليتوج المحاولة الـ22 التى جرت لضم فلسطين عضوا كاملاً إلى اليونسكو، حيث كانت تتمتع بصفة مراقب، وستصبح فلسطين الآن عضوا فاعلا بعد التصديق على الوثائق الرسمية وهى عملية شكلية.

ومحطة اليونسكو تعتبر مهمة جدا حتى وإن كانت لا توازى محطة الذهاب إلى مجلس الأمن، لأن تأثيرها أكبر، ونتائجها ستكون عظيمة، فوجود فلسطين فيها يحمى ثقافتها وتاريخها، وهى خطة تفتح الباب وتشجع على الاستمرار بالمسعى والجهد الفلسطينى للوصول إلى جميع الأهداف التى حددت، أملا فى أن يكون قرار اليوم حافزا للمعارضين أن يستخلصوا النتائج فى هذا التحول، الذى لا يتعارض مع مبدأ حل الدولتين.

لقد جاءت العضوية لتحقق انتصارا دبلوماسيا وسياسيا كبيرا لمنظمة التحرير الفلسطينية، خاصة بعد رفض من أغلبية دول العالم للضغوط الأمريكية، فصوت لصالح انضمام فلسطين 107 أعضاء فيما عارض 14 عضوا، كان أبرزها ـ إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ـ ألمانيا وكندا وهولندا وأستراليا، وسيمكن انضمام فلسطين إلى اليونسكو من الدفاع عن تراثها التاريخى والثقافى وعن آثارها والاستفادة من كل البرامج التى تقدمها المنظمة الدولية، ومن هنا كان الغضب الإسرائيلى من هذا الانضمام الذى لا يقتصر على المغزى السياسى لقبول فلسطين فحسب، بل على تبعاته العلمية، فاليونسكو ـ كما هو معروف ـ تتعاطى مع المعالم التاريخية ذات الأهمية التراثية والثقافية، وقبول فلسطين عضوا كاملا سيفتح جبهة دولية جديدة مع إسرائيل، لأن الكثير من المعالم الثقافية التى تسيطر عليها إسرائيل اليوم بحكم احتلالها للأراضى الفلسطينية، ستصبح من حق فلسطين، خصوصا فى القدس الشرقية الزاخرة بالأماكن المقدسة والمعالم التاريخية.

إن هذا التصويت يعد بمثابة لحظة تاريخية فارقة فى عمر القضية الفلسطينية، تعيد لفلسطين بعضا من حقوقها، فهى مهد الديانات والحضارات، ومن هذا الانضمام للعضوية سمح لفلسطين بأخذ موقعها الطبيعى فى منظومة الأمم المتحدة واليونسكو.

وكان من أبرز المفاجآت تصويت فرنسا لصالح انضمام فلسطين، بعد ساعات من إعلان تحفظها، فانضمت إلى دول من أوروبا الغربية التى صوتت بالموافقة. وردت أمريكا بالإعلان عن وقف تمويل المنظمة.

إسرائيل من جانبها ردت على انضمام فلسطين إلى اليونسكو بوقف التمويل أيضا وباتخاذ قرار بناء ألفى وحدة سكنية استيطانية فى القدس الشرقية والضفة الغربية، وتجميد مؤقت لتحويل أموال الجمارك العائدة للسلطة الفلسطينية، كما تجرى دراسة إمكانية سحب بطاقات«VIP» من الشخصيات الفلسطينية ومنع ممثلين لليونسكو من دخول إسرائيل والأراضى الفلسطينية، فى حال تم الإعلان عن أماكن فلسطينية أثرية يجب المحافظة عليها، فضلا عن المطالبات اليمينية المتشددة بشأن التعجيل فى نقل عاصمة الدولة العبرية من تل أبيب إلى القدس، والضغط الشديد على الإدارة الأمريكية لتحقيق هذا المطلب القديم المتجدد.

إن عضوية اليونسكو ستتيح لفلسطين تقديم طلبات اعتراف فى مركز التراث العالمى، وبعضها لمواقع فى الأراضى التى تحتلها إسرائيل، ولديها حوالى 20 ملفاً لتقديمها، وأولها يتعلق بـ«كنيسة المهد» فى مدينة بيت لحم.