5 مهن انتهت في مصر.. الدعارة على سبيل المثال

كتب: محمد أنور الأحد 21-09-2014 15:17

لكل عصر طبيعته وأدواته التي تساعده على التكيف وأشخاصه الشاهدين على تلك الحقبة، وفي العقود الماضية كان هناك الكثير من المهن والوظائف التي ناسبت طبيعة العصر والتي كانت رمزا لتلك المرحلة بمعطياتها ومتطلباتها، ونتيجة لتطور المجتمع اندثرت عدة مهن مع ظهور بدائل أخرى لها.

وترصد «المصري اليوم» 5 مهن أصبحت من الماضي.

1. «السقا»

كانت وظيفة «السقا» من الوظائف التي لها أهمية كبيرة في مصر، منذ القرن العاشر الميلادي، ويعتبر «السقا» هو العامل المسؤول عن توصيل المياه من الخزانات إلى المنازل والمساجد، والسبيل الذي يكون في كل منطقة لتوفير المياه لأهلها.

رخصة السقا

وكان «السقا» يحمل «قربة» مصنوعة من جلد الماعز يملأها بالماء العذب على ظهره، وفي بعض الأحيان كان يضع الماء في أوعية كبيرة وبراميل وثبتوا فيها حنفيات ووضعوها على عربات «كارو».

ولجأ السقا إلى طريقة ليحصل بها على أجرته عن طريق إعطاء «ماركات» وهي حصوات مشغولة أو خرز لصاحب البيت، وكل عدد حصوات مساوِ لعدد المرات المطالب فيها بملئ الزير لصاحبه، فكلما ملأ الزير أعطاه «مارك» حتى ينتهي العدد فيتلقى أجرته كاملة.

مهنة السقا

ومنذ إنشاء شركة المياه سنة 1865، وبدأت في مد خطوط توزيع المياه في أحياء القاهرة، بدأت مهنة السقا في احتضارها حتى انتهت بتغطية شركة المياه لجميع المنازل.

2. مبيض النحاس

ارتبطت مهنة «مبيض النحاس» بوجود وانتشار الأواني النحاسية، التي كانت منذ بعض قرون لها قيمة وأهمية في البيوت المصرية، إذ كان للنحاس قيمة غالية تأتي بعد الذهب مباشرة، حتى أن العائلات كانت تتباهى عند خطبة إحدى بناتها بمقدار ما سيشتريه العريس لعروسه من نحاس، كانت في مقتنيات العروس من النحاس الذي ما إن تأزم الحال، استطاع حل الأزمة.

وكان مبيض النحاس يتجول في الأحياء وينادي لتأتيه النساء بالأوعية النحاسية التي «جنزرت»، والجنزار هو تلك البقع الخضراء التي تصيب الأواني النحاسية، وتدل على زوال مفعول طبقة القصدير التي تغطيه وتحمي ما يعيه من التفاعل مع النحاس.

يضع مبيض النحاس حفنة من مسحوق ملحي خشن أو حتى بعض الرمال على سطح الوعاء لتنظيفه بقطعة خيش، قبل أن يضعها على نار لتحمى حرارتها ويطليها بالقصدير وهو يؤدي حركة صعبة، بلف جزعه في الاتجاهين بصورة متتالية، مقاومًا الحرارة بالمواويل والأغاني الشعبية أو نداءات صبر.

وظل النحاس على تلك المكانة والأهمية في البيوت المصرية وارتبطت به مهنة مبيض النحاس إلى أن ظهرت الأواني الألومنيوم كبديل له، وتبدلت الأحوال للنحاس في كل بيت، وانحصر دوره في تصنيع تحف فنية منه ذات طابع تراثي كالتي تباع في خان الخليلي والبازارات السياحية، أو يستخدم كآنية للزرع.

3. الطرابيشي

هو العامل الذي كان يقوم بكل ما يخص غطاء الرأس المسمى بالطربوش، بدءًا من صناعته، مرورًا بترميمه وإصلاحه في حالة التلف، نهاية بكيه وفرد أي كسرة أو اعوجاج يحدث له، وكانت أكثر أوقات مهنة «الطرابيشي» ازدهارًا في الأربعينيات، قبل سنوات قليلة من أن تمنعه ثورة 23 يوليو وتغلق مصانعه.

وعرف المصريون الطربوش منذ حكم محمد على باشا، إذ كان أحد مكونات الزي الرسمي للأتراك، ومن ثم لبسه الباشوات والبكوات في مصر في عصر الخديوي عباس وكانت تستورد خاماته من النمسا. وتدريجيًا أصبح الطربوش أحد مكونات زي الأفندية والمتعلمين، وكان من العيب أن يخرج الرجل من بيته دون وضع طربوش فوق رأسه، وكانت نظافته والاهتمام به دليلًا على أناقة صاحبه وذوقه .

الطرابيشي

كان «الطرابيشي» يجهز هياكل الطرابيش من الخوص على حسب أكثر المقاسات المشتركة لرؤوس الناس، ثم يقوم بوضعها حول قالب نحاسي ثم يغطيها بالجوخ ويقوم بتثبيتها بمكبس خاص، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الكي وهي المرحلة النهائية قبل تثبيت الزر ليصبح الطربوش جاهزًا.

4. «الداية»

هي المرأة التي تمتهن توليد النساء الحوامل، وتقديم الرعاية لهن قبل وأثناء وبعد الولادة، وتقطع الحبل السري للمولود وتساعده على التقاط أنفاسه الأولى.

وكانت بخبرتها في كثير من الأحيان تحدد ميعاد الولادة بل ونوع المولود دون استخدام أي وسائل طبية حديثة، وهي مهنة قديمة جدًا، لم تندثر تمامًا ولكنها فقط أصبحت لا تمارس إلا في أماكن الوعي والخدمة الطبية المقدمة فيها على درجة متأخرة جدًا أو بدائية.

كانت الداية تطلب خروج الزوج من المنزل أثناء قيامها بتوليد زوجته، لأن وجوده يعتبر من الأمور المعيبة والشؤم في ذلك الوقت، وكانت تقوم بالاستعانة بإحدى قريبات الأم لتقديم ما يلزم أثناء عملية الولادة، وتستخدم بعض الأعشاب لتسهيل الولادة.

5. الدعارة

هي أقدم مهنة في التاريخ، وتعني ممارسة الجنس مقابل المال، وبالحديث عنها في مصر وفي التاريخ الحديث صدر أول تصريح بممارسة البغاء في أوائل القرن الـ17 قبل مجيء الحملة الفرنسية لمصر ببضع عقود، إلا أنها بالتأكيد لها تاريخ أبعد من ذلك.

وبمجيء الفرنسيين إلى مصر كان المنعطف الأخير قبل إلغائها نهائيًا في 1949، حيث قاموا بتطوير أماكن ممارسة الدعارة وجعلوها مكان للسهر والشرب والرقص بجانب بيع الهوى، واشتهرت في القاهرة شوارع ضمت بيوتًا ولوكاندات لتقديم المتعة كـ«كلوت بك» و«عماد الدين» و«محمد علي» و «وش البركة».

رخصة محل دعارة

وفرضت الدولة لوائح لتنظيم تلك الأماكن كما فرضت عليها الضرائب، وألزمت العاملات في الدعارة بكشف دوري لضمان خلوهم من الأمراض الجلدية والتناسلية، وأنشأ الخديوي اسماعيل «الحوض المرصود» للكشف والعلاج من الأمراض الجلدية والتناسلية، وكانت العاهرات يحصلن منه على رخصة طبية تفيد بخلوهم من تلك الأمراض.

وكان يطلق على العاملات في الدعارة اسمين: «عايقة» وهي القوادة أو صاحبة المنزل، و«مقطورة» وهي الفتاة التي تقدم المتعة.

ويذكر أن بعد الحرب العالمية الثانية رفضت العاملات في بيع الهوى تقديم خدماتهم للجنود الإنجليز، ما دفعهم إلى استيراد عاهرات أجنبيات إلى مصر.