التداعيات الاستراتيجية لداعش

ناجح إبراهيم الجمعة 19-09-2014 21:10

قام تنظيم القاعدة فى 11 سبتمبر وفى مثل هذه الأيام من سنة 2001 بضرب برجى التجارة فى نيويورك عن طريق تفجير طائرات الركاب المدنية بعد خطفها.. وهذا الحادث غير كل الموازين الاستراتيجية العالمية.

وعقب سقوط البرجين الأمريكيين سقطت أبراج إسلامية وعربية.. مثل أفغانستان التى مازالت محتلة حتى اليوم.. وكذلك العراق التى احتلت ثم مزقت تمزيقاً حتى صارت أثراً بعد عين.. وكأن الزمان يعيد نفسه.. وإذا بداعش تخرج للوجود فتقلب الموازين الاستراتيجية رأساً على عقب.. وتغير التحالفات فى الشرق الأوسط 180 درجة.. وترفع أقواماً وتخفض آخرين.

وكما هلل الكثير من الشباب المتدين الغر قليل الخبرة والتجربة لتفجير برجى التجارة وسجد بعضهم شكرا ً على هزيمة أمريكا قبل أن ينظر إلى سقوط أبراجنا وقتل وجرح ربع مليون أفغانى ومطاردة الحركات الإسلامية بل والإسلام نفسه فى كل مكان.. حيث وصفت أحداث 11 سبتمبر العالم الإسلامى والحركة الإسلامية فى مواجهة مع المارد الأمريكى والغربى لم يكن يريدها أو يرغبها ولم يكن مستعداً لها.

وحينما خرجت داعش هلل وكبر وسجد أيضاً الكثير من الشباب الذى تملؤه الحماسة والعاطفة دون عقل أو حكمة أو نظر فى فقه المآلات أو النتائج أو فقه المصالح والمفاسد.. ناسين وغافلين أن داعش هى السكين التى ستذبح الإسلام وأهله.. وليست السكين التى تذبح خصوم الإسلام.

إن داعش أحدثت آثاراً استراتيجية قد يضيق المقال عن حصرها ومنها:

1- أنها أعطت قبلة الحياة من جديد للوجود الأمريكى خاصة والغربى عامة فى المنطقة.

2- أنها أعطت قبلة الحياة لأهم خصومها وهو بشار الأسد ونظامه.

3- أنها قسمت تنظيم القاعدة إلى قسمين: أحدهما داعش وهو سوبر تكفير وهو الأكثر تطرفاً وحمقاً.

أما الثانى فهو أنصار الشريعة وجبهة النصرة وغيرهما.. وهو الأقل تكفيراً وبينهما الآن بدايات حروب ونهاية صراع.

4- أنها أعطت قبلة الحياة للميليشيات الشيعية العراقية والتى عاثت فى الأرض فسادا ً وفجرت المساجد وقتلت بالاسم تارة وبالمذهب تارة.

5- قدمت داعش أسوأ نموذج فى العالم لصناعة الأعداء وتجميعهم وحشدهم وطرد الأصدقاء والحلفاء.. وهى تتشابه فى ذلك مع القاعدة.. ومن شابه أباه فقد ظلم – فى هكذا تشابه -.. فهناك 17 عدوا ً إقليميا ً فقط.. فضلا ً عن الخصوم الدوليين.. وكأنها لم تقرأ يوما ً أن النبى، صلى الله عليه وسلم، يقاتل على جبهتين طوال حياته.

6- ضيعت داعش جهود آلاف الدعاة إلى الله الذين ظلوا لسنوات طويلة يحببون الخلق فى الحق ويرغبون الناس فى الإسلام ويقدمونه لهم على أنه دين الرحمة والعفو والصفح والتسامح.

فيا حسرة على جهود الدعاة المخلصين التى ضاعت.. ويا حسرة على سمعة هذا الدين الذى لوثته الدماء الحرام التى أسالتها داعش.

ووالله لو أنفق خصوم الإسلام المليارات فى سنوات طويلة ما نالوا منه مثلما نال منه حمق داعش وأخواتها.