متى يصبح العامل الفنى مرغوبا فى المجتمع وتقبل به الأسر الثرية كعريس لابنتهم؟.. أكيد أن مهنة العامل الفنى من المهن التى يتأفف منها المجتمع، لذلك يعدل أبناء كثيرون عن الالتحاق بالتعليم الفنى ويفضلون الوظيفة الميرى فيتجهون إلى التعليم العام حتى ولو انضموا إلى طوابير البطالة بمؤهلاتهم العالية.. ولأن الدولة تعانى من مشكلة البطالة بسبب تكدس المقاهى والبيوت بملايين الشباب من أصحاب المؤهلات العليا كالزراعة والحقوق والآداب والمحاسبة لا وظائف لهم لا فى الحكومة ولا فى القطاع الخاص- تدخل رئيس الجمهورية بنفسه وبحث مع وزير التربية والتعليم أسباب ضعف مستوى المناهج التى تدرس فى التعليم الفنى والتى فقدت جاذبيتها فى شد انتباه الشباب إليها حتى أصبح التعليم الفنى غير مرغوب فيه.
- الرئيس السيسى لأنه مصرى ويعرف أن التعليم الفنى أولاد الأسر المرتاحة يديرون ظهورهم له وقد فضلوا التعليم العام عليه حتى ولو ظل الابن طوال العمر بلا وظيفة المهم أن يجلس فى النهاية على مكتب ولا يعمل فى مصنع، والمهم أن يحمل لقب «أفندى» ولا يحمل لقب «أسطى».. الرئيس تناول أسبابا كثيرة عن ضعف الإقبال على التعليم الفنى مع أن أبواب العمل مفتوحة للعامل الفنى عن حملة البكالوريوس.. لذلك طلب الرئيس من وزير التربية تقديم دراسة عاجلة عن تحسين مناهج الدراسة فى التعليم الفنى وتحسين مستواه وكيف تتبنى الدولة خريجيه بمرتبات مغرية تشد انتباه حملة المؤهلات العليا.. وكون أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يضع يده على هذه القضية معناه أنه يتجه بنا إلى إعداد جيل من شبابنا للعمل كعمال فنيين.. أمله أيضا أن يضع كل التقنيات الفنية العالية فى المناهج الدراسية ليضمن خريجين يواكبون مرحلة التطور التى يشهدها العالم الآن حتى نتمكن من إعادة بناء بلدنا. ملف دسم سلمه السيسى بيده لوزير التربية والتعليم أملا فى أن يدخل ثورة تكنولوجية على التعليم الفنى ويشجع الإقبال عليه بإطلاق الحوافز.
لم يكن خافيا على الرئيس السيسى كيف طورت ألمانيا نفسها بعد الحرب العالمية.. هل كان أحد يتصور أن تلغى التعليم العام وتقوم بتحويل جميع مدارسها إلى مدارس صناعية.. القرارات الجريئة التى اتخذتها الحكومة هى التى ساعدتها على أن تكون دولة صناعية متفوقة فى صناعة المعدات الثقيلة ومولدات الطاقة والأجهزة المنزلية وقطارات السكة الحديد وخطوط الكهرباء، كل هذا بفضل العامل الفنى الألمانى، لم تستورد عمالة من الخارج بل جميع الخريجين فى المدارس الصناعية عملوا فى المصانع الألمانية وصنعوا المعجزات.
السؤال هنا: هل يأتى اليوم الذى تتحول فيه مدارسنا إلى مدارس صناعية ونصبح مثل الألمان؟.. وهل سيأتى اليوم ويصبح التعليم الفنى عندنا للجميع بدلا من أن يكون مقصوراً على أولاد الفقراء وإن كان النابغون منهم يرفضونه ويأخذون أماكنهم فى التعليم العام ثم كليات القمة على أمل أن يتبوأوا مراكز مرموقة بمؤهلاتهم، مع أن المؤهل العالى لم يعد عليه العين بعد أن أصبح لا قيمة له دون عمل ونرى كثيرين من أصحاب المؤهلات العليا أبناء الأسرة المحدودة الدخل يعملون فى أى مجال، منهم الذى يبيع ساندويتشات أو يدير محل بقالة أو يعمل فى النقاشة.
نحن نريد قرارا شجاعا ونتوقف عن التعليم العام ثلاث سنوات أو يصبح مقصوراً على أصحاب المجاميع الكبيرة التى لا تقل عن تسعين فى المائة، ونعطى حوافز مالية شهرية لطلاب المدارس الصناعية خلال فترة تدريبهم بالمصانع، وفيها إيه لو أخذنا باقتراح المدير التنفيذى للتدريب الصناعى باتحاد الصناعات واختصروا سنوات الدراسة إلى عامين والعام الثالث تدريب فى المصانع بأجر شهرى.. من المؤكد سوف يحدث الإقبال المطلوب وسوف يتوافر لمصر العامل الفنى المتميز.