إبداع أحمد رجب لم يقتصر على كتاباته الساخرة، بل أضاف إليه شخصيات من خياله ترسم ملامح المجتمع الذي يعيشه بنقد لاذع يمنحك ابتسامة لا تفارق وجهك.
واستعان رجب بريشة صديقه الراحل مصطفى حسين لتقديم تلك الشخصيات إلى القراء.
في التقرير التالي نقدم أبرز 5 شخصيات قدمها أحمد رجب إلى قرائه في لوحات فكاهية حملت رسوم مصطفى حسين.
مطرب الأخبار
كان أحمد رجب يعشق الغناء، وتمنى أن يصبح مطربًا مشهورًا لكن محاولاته كُتب لها نهاية مأساوية، حيث قرر الاعتزال بعد ثلاث غرز فى ذقنه إثر غنائه في فرح أحد الأقارب لأن صوته لم يرق لهم.
وقال وقتها: «انتهت تجاربي الفنية عندما تكشفت لي حقائق علمية أكدت بالقطع أنني لن أكون إنسانًا غنائيًّا، فقد ثبت أن الإنسان الغنائي ينتمي إلى كوكب آخر غير كوكب الأرض اسمه الكوكب الغنائي».
وعوَّض رجب فكرة غيابه عن مسرح الغناء برسم شخصية مطرب الأخبار، الذي يصر بصوته المليء بالنشاز على أن يكون مطربًا، يفرض على الناس أغنياته الركيكة وألحانه المسروقة ويطالعهم كل صباح بأغنية ليس لها لون ولا طعم.
وأراد أحمد رجب أن تصل القارئ رسالة مفادها أن الفن لم يعد يشترط صوتًا مميزًا أو لحنًا جميلًا وإنما يكفيه خلطة من الادعاء والغش والقدرة على فرض النفس حتى لو كانت الحنجرة مليئة بالنشاز.
فلاح كفر الهنادوة
اعتاد القارئ صباح كل سبت أن يطالع الصفحة الأولى من «أخبار اليوم»، وعلى يسارها يقف فلاح كفر الهنادوة بطاقية مليئة بالثقوب مائلة عن صلعة لامعة، ولسان لاهث، وعيون فلاح ذكي.
وتحدث الفلاح طيلة ظهوره مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وعدد من رؤساء الوزراء.
وكان فلاح كفر الهنادوة يخاطب المسؤولين بأريحية وينقل ما يحدث في الكفر، منتقدًا سياساتهم على لسان الواد سليم أبولسان زالف.
الكحيتى
ماسكًا سيجاره وكأنه ملياردير لديه ما لا يعد ولا يحصى، وقدماه تتحركان بـ«شبشب زنوبة» يستغله في مداعبة أصابعه أثناء جلوسه دون أن يحاول إخفاء ثقوب ثوبه الممزق، وهو كما يقول رجب: «شخصية سلبية تمامًا تصرفاته أقرب إلى أحلام يقظة للتطلع الطبقي».
ووجّه رجب سهام نقده اللاذع إلى كل من يعيش على شاكلة شخصية الكحيتي، فكتب أنه «لا يبذل جهدًا إيجابيًّا أو يخطو خطوة عملية في الاتجاه الصحيح.. مثل هذا الشخص تقوده تطلعاته إلى الجريمة إذا لاحت له فرصة لتحقيق ثراء سريع يوصله إلى فوق.. مخدرات أو تهريب.. أو عضوية البرلمان».
كمبورة
لم يستدل على اسم محدد لـ«كمبورة»، فيظهر مرة باسم عبدالله كمبورة، وفي قول آخر سليم كمبورة، وفي نداء ثالث خليل كمبورة.
وبين كل هذه الأسماء وغيرها اضطرب كمبيوتر أصحاب السوابق واختلت ذاكرته، إلى أن فوجئ الكمبيوتر والمشرفون عليه ذات صباح بأن كمبورة أصبح اسمه حضرة صاحب الحصانة السيد العضو كمبورة بيه.
يتحدث كمبورة بلغة يراها رجب أنها «لغة زمن الانفتاح، التي ابتدعت ألفاظ الأرنب والنص أرنب والباكو والأستك والتمساحة والخنزيرة، وأصبحت تتكلم فيما بينها بألفاظ وتراكيب غريبة تمامًا، كما يتكلم النشالون علنًا بلغتهم الخاصة أمام الضحية دون أن يدرى أن نشالاً يبيعه لنشال آخر».
ويضيف رجب: «إننا فى نظر كمبورة قوم من الكروديات والبلهاء، الذين مكّنوه من أن يتحول من مجرم صعلوك إلى مجرم وجيه ذي جاه وسلطان، يتعذر علينا بعد فوات الأوان أن نعاقبه على جرائمه في حقنا، فقد أصبح فوق العقاب، وأصبح سيدنا ومولانا وصاحب حصانة وذات مصونة لا تُمس».
وكان رجب لا يعجبه استغلال كمبورة للحصانة البرلمانية كي تحميه من ألاعيبه، لدرجة أنه في حواره الأخير مع «المصري اليوم» عام 2011 طالب بإلغاء تلك الحصانة، موضحًا: «أتمنى إلغاء الحصانة نهائيًّا عن أعضاء مجلسي الشعب والشورى، وأن تكون الحصانة داخل قاعة المجلس فقط، لأن هذا هو الأساس فيها، فكلمة (برلمان) بالفرنسية تعني حرية الكلام أي أن تكون للنائب حرية التعبير عن رأيه داخل المجلس دون أن يتعرض للمساءلة، لكن للأسف الحصانة التي كانت موجودة لدينا جعلت بعض النواب يستغلونها في تجارة المخدرات والحصول على تأشيرات للحج والعمرة والاستيلاء على أراضي الدولة، لذلك أرى أنه لو تم إلغاء الحصانة عن أعضاء المجلس فمن الصعب أن يتقدم أحد من الفاسدين للترشح في الانتخابات المقبلة».
وبعد تخلي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن منصبه، قال: «في الفترة الماضية أغلب النواب عندنا كانوا (كمبورة) بكل فساده وانتهازيته، لكن بمجرد إلغاء الحصانة لن نجد (كمبورة) واحدًا في البرلمان المقبل، بل سنعود إلى الأيام التي كان فيها النائب شخصًا محترمًا يقف ضد الفساد ويحترم القوانين ويدافع عن الفقراء وذلك قبل أن تصبح الحصانة (مفرخة) للفاسدين».
عبده مشتاق
مرتديًا نظارته وبدلته التي لا يخلعها، تحسبًا لاستدعائه كي يؤدي اليمين ويصبح وزيرًا في أي تعديل تجريه الحكومة، وكله أمل أن تأتي هذه اللحظة لكنها لا تدق بابه.
يبحث عن الكاميرات واللقاءات الإعلامية كلما تردد أن هناك منصبًا وزاريًّا يحتاج لشخص جديد، ليسرد تاريخه ومؤهلاته حتى ولو كان المنصب بعيدًا عنها.
ولا ينسى ترك رقم تليفونه، وعنوانه، لعل وعسى أن يصيبه الحظ ويصبح في زمرة الوزراء.