محمد مختار جمعة.. الوزير الشجاع

عماد فؤاد الخميس 28-08-2014 21:16

أتابع بتقدير بالغ شجاعة الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، فى مواجهة الجماعات الإرهابية والإخوان والسلفيين ومن على شاكلتهم، ممن سيطروا على كثير من المساجد والزوايا فى أنحاء البلاد، وأحسب أن «الأوقاف» لم تشهد منذ سنوات طويلة وزيراً بهذا الوعى السياسى بمهام منصبه.

يدرك الدكتور جمعة، منذ اليوم الأول له فى الوزارة، أهمية منع التوظيف السياسى والحزبى للمساجد، كما يدرك تماما خطورة احتلال السلفيين المنابر الدينية، ولم ينافقهم كما يفعل- للأسف- بعض الوزراء الآخرين، ولم يفاوضهم للدخول فى تحالفات، كما يفعل بعض رؤساء الأحزاب الآن، وقرر الوزير الشجاع منع غير الأزهريين من اعتلاء المنابر، فى ضربة واضحة للسلفيين، ولم يكتف، لكنه استبعد أيضا بعض الأئمة والخطباء من المساجد فى خطوة مهمة للسيطرة على الخطاب الدينى المتطرف.

قالها الوزير صراحة: الوزارة مسؤولة عن إقامة الشعائر الدينية، واستكمل قراراته الجريئة بمنع إقامة صلاة الجمعة فى الزوايا التى تقل مساحتها عن 80 مترا، وقرر أيضا ضم جميع المساجد والزوايا فى أنحاء الجمهورية لوزارة الأوقاف.

قرأت للدكتور «جمعة» ما يشير فيه إلى ضرورة الانتباه لطبيعة التحالفات الإرهابية، وقال: «ليس شرطا فى هذه التحالفات أن تكون مكتوبة أو معلنة، لكنها قد تكون ضمنية فى ضوء ما يحقق أهداف جماعات وقوى الظلام والإرهاب ومن يدعمها أو يستخدمها لتحقيق مصالحه». الله عليك يا مولانا.. تقولها فى وقت يخشى فيه الكثيرون المواجهة، ودعا العلماء والمثقفين والمفكرين إلى أن يقفوا وقفة رجل واحد لكشف زيف الجماعات الإرهابية والانتحارية- لاحظ أنه لم يقل «الاستشهادية»- ويصف «جمعة» تنظيم الإخوان الدولى بأنه على أتم الاستعداد لأن يهلك الحرث والنسل لتحقيق مآربه السلطوية ومطامعه الدنيوية.

وبرؤية أكثر عمقاً يطالب الدكتور «جمعة» قيادات الدولة المستهدفة، وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات والكويت، لتكوين رؤية استراتيجية غير تقليدية لمواجهة تحديات الإرهاب وقوى الاستعمار التى تدعمه.

انطلاقا من تلك الرؤية، دعا الوزير الواعى إلى إدراج قناة الجزيرة القطرية ضمن المنظمات راعية الإرهاب، ولم يخش الإشارة إلى رعاية كل من قطر وتركيا لجماعة الإخوان الإرهابية، وكذلك الإشارة لمن يريدون تقسيم المنطقة العربية وتدمير جيوشها حتى يكون جيش العدو الصهيونى- هكذا وصف الجيش الإسرائيلى- هو الأقوى الذى لا يقهر بطبيعة الحال. يواجه الوزير الشجاع هجوما مضادا من جماعة الإخوان الإرهابية ومن والاها، ويصفونه بأنه وزير الانقلاب، وفات هؤلاء، عن جهل أو غباء، أن شجاعة الرجل فى مواجهتهم ليست وليدة الموقف الراهن أو ارتباطا بسقوط حكمه فى مصر، وأتذكر حوارا له عام 2012 أثناء تولى الإرهابيين مقاليد السلطة فى مصر، وكان يشغل وقتها منصبه كعميد لكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر، قال فيه: الأزهر سيظل المرجعية الدينية الأولى والأخيرة فى مصر شاء من شاء وأبى من أبى، وأكد أن أبناء الأزهر سيواجهون بكل حسم من يسعى للنيل منه، أو تهميشه أو النيل من رموزه، واتساقا مع قناعاته التى يترجمها إلى قرارات الآن، دعا علماء الدين بعدم الانحياز الحزبى أو السياسى.

فى بحثى عن سيرة الرجل فوجئت بأنه عضو باتحاد الكتاب، وله العديد من المؤلفات فى الأدب والشعر والنقد الأدبى.. وزير أزهرى ومثقف وأديب يستحق التحية والتقدير بدون شك، لكنه أيضا يستحق الدعم والمساندة فى مواجهة الظلاميين، وعن نفسى وعلى قدر طاقتى لن أتركه وحده، وأدعو الكاتب المستنير محمد سلماوى، رئيس اتحاد الكتاب، لتكريمه فى اٌقرب فرصة، ليشعر بأن مساندته ليست من الأفراد فقط، لكنها أيضا من كيانات ومؤسسات معتبرة.

أتمنى من الله أن يمد فى عمرى لأرى الرجل شيخا للأزهر الشريف.. فما أحوجنا لشجاعته فى اقتحام المسكوت عنه فى المؤسسة العريقة.. وفى هذا لنا حديث آخر.

emad.fouad52@yahoo.com