وافقت إثيوبيا على «حكم دولي» للفصل في الخلاف الدائر مع مصر حول سد النهضة الإثيوبي، بعد أكثر من عام ونصف العام من الشد والجذب، وثلاث جولات مكوكية في العاصمة السودانية الخرطوم في نوفمبر وديسمبر 2013 ويناير 2014، انتهت جميعها بالفشل، وتجمدت المفاوضات بعدها لأكثر من ثمانية أشهر.
ووضع الاتفاق، الذي وقع عليه وزراء المياه الثلاثة، سد النهضة تحت أعين وبصر المجتمع الدولي، حيث ينص صراحة في أحد بنوده على الاستعانة بمكتب استشاري دولي لتنفيذ الدراسات التي أوصت بها هيئة الخبراء الدوليين، كما ينص الاتفاق في بند آخر على أن تضم لجنة الخبراء الوطنيين الـ12 (4 من كل دولة) واثنين من الخبراء الدوليين، ويتم الرجوع إليها في حالة اختلاف أي من الأطراف الثلاثة حول نتائج دراسات المكتب الاستشاري الدولي. وقال خبراء بوزارة الموارد المائية والري، إن البيان الختامي بداية حقيقية لمفاوضات جادة «ملزمة» لجميع الأطراف، وتبديد للمخاوف المصرية، ليس فقط لأن إثيوبيا تعهدت بالالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق، ولكن أيضا لأن تقارير المكاتب الاستشارية الدولية يعتد بها عند اللجوء إلى المحاكم الدولية في حال تعنت أي طرف في الالتزام بما تم التوافق عليه.
واستؤنفت الاجتماعات بين وزراء المياه في الدول الثلاث بتوجيهات من القيادة السياسية، في أعقاب القمتين اللتين جمعتا الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلا ماريام ديسالين، في العاصمة الغينية مالابو، على هامش القمة الأفريقية، والرئيس السوداني عمر البشير في الخرطوم في أواخر يونيو الماضي. وحرص القادة في الدول الثلاث على متابعة سير المفاوضات وإزالة أسباب عدم الثقة والخلافات والتوتر، واستبدالها بأجواء من الود والإخاء والتوافق. وجاء البيان الختامي الذي وقع عليه الوزراء الثلاثة معبرا عن هذه الروح الجديدة، حيث أكدت إثيوبيا مرارا وتكرارا على عدم نيتها إلحاق أي أضرار بمصر والسودان، ووجه وزير الري الإثيوبي ألمايو تيجنو الدعوة إلى نظيريه المصري والسوداني ووسائل الإعلام لزيارة سد النهضة، والاطلاع على المشروع، والوقوف على آخر التطورات.
وقال تيجنو: «ليس هناك أسرار لكى نخفيها، ولذا فنحن نرحب بكل من يريد أن يزور السد ومستعدون لتقديم كل المعلومات التي يطلبها الخبراء الدوليون لاستكمال الدراسات التي أوصت به هيئة الخبراء الدولية». وأعلن دكتور حسام مغازي، وزير الري والموارد المائية، قبوله لدعوة نظيره الإثيوبي للقيام بزيارة استكشافية لسد النهضة الإثيوبي، وقال إنه سيزور إثيوبيا وسد النهضة على رأس وفد من الخبراء والإعلاميين والصحفيين في أقرب وقت ممكن، مشيرا إلى أن هذه الزيارة ستعمل على تقوية جسور الثقة بين الدولتين، وسيتم من خلالها التأكد من عدم شروع إثيوبيا في حجز المياه عن مصر، كما زعمت بعض الصحف، وكذلك متابعة وتفقد ما تم تنفيذه من المشروع والوقوف على تبعاته.
وقال الوزير إنه سيرفع تقريرا إلى كل من الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب حول نتائج الجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي. ولفت وزير الري إلى أن تعليمات ومتابعة الرئيس السيسي لهذا الملف المهم كانت المرجع والقاعدة الأساسية التي تم الاعتماد عليها خلال المفاوضات التي أجراها الوفد المصري على مدى يومين.