كيف ينجح إبراهيم محلب؟ (٢)

عبد اللطيف المناوي الأربعاء 27-08-2014 21:58

صدق الناس- ومازالوا حتى الآن- المهندس إبراهيم محلب، الذى استطاع- حتى الآن- أن يكسب إعجاب الناس بحركته الدؤوب ووجوده فى الشارع بين الناس، لكن استمرار هذه الثقة وهذا الإعجاب يرتبط بحجم الإنجاز على الأرض وبقدرة الحكومة على التواصل مع المواطنين بلغتهم. ويظل السؤال: كيف ينجح إبراهيم محلب؟

أظن أن استدعاء الموقف الذى ذكرته حول أسلوب محلب فى تحديد الأولويات فى «المقاولين العرب» يمكن أن يكون أول الخيط، «فالأخوة» الأولى هنا هى تحديد الأولويات التى يحتاجها الشعب المصرى فى هذه المرحلة، وهذا العلم بالأولويات لا يجب الاعتماد فيه على التقديرات الشخصية للمسؤولين أو المتابعين، ولكن هذا يجب أن يتم من خلال اتباع أسلوب علمى صحيح فى تحديد هذه الأولويات. الشعب يريد أن يرى وأن يلمس تحسنا حقيقيا فى مناحى حياته، ويريد أن يسمع من حكومته حديثاً يشبهه، وإنجازا يستهدف احتياجاته الحقيقية.

كلمتا السر فى النجاح التى لن أمل من ترديدهما هما: اتباع الأسلوب العلمى فى التخطيط والتنفيذ ووضع نظام، والأخرى: التواصل الصحيح باللغة الصحيحة مع الناس. وهنا أسأل: إلى أى مدى تتبع الحكومة أسلوبا علميا مبنيا على دراسات حقيقية لتحديد الأولويات؟ وإلى أى مدى نستعين بخبرات من سبقونا أو مروا بأزمات مماثلة فى بلادهم ونجحوا فى تجاوزها؟ والسؤال الآخر: إلى أى مدى تتبع الحكومة- بل كل أجهزة الدولة بكل مستوياتها- أسلوبا علميا فى تحديد الخطط الإعلامية فى التواصل مع الجماهير، بحيث تستطيع أن تحدد الرسالة المطلوب وصولها، واتباع أساليب التوصيل والتواصل والإقناع العلمية؟ ما أستطيع أن أجتهد فى الإجابة عنه هنا أن كلا الأمرين لا يحدث بشكل كامل، وإن حدث- وهذا قليل- فإن ذلك يحدث فى غياب التكامل والتنسيق مع بقية أطراف الدولة أو الاستمرارية أو اتباع الأساليب العلمية فى القياس والمتابعة، أو على الأقل هذا ما أراه ويراه غيرى.

كانت لدى الحكومة فرص تاريخية فى خلق مناخ إيجابى كبير من خلال تسويق انطلاق مشروعات كبيرة مهمة مثل استصلاح مليون فدان مثلا، الذى تم التعامل معه وكأنه افتتاح لمزرعة دواجن جديدة، فخرج الحدث الكبير مفتقدا قيمته الحقيقية. وأخشى أن التعامل مع الحدث الأكبر الذى هو حفر قناة السويس الجديدة مازال يدور فى نفس دائرة التعامل التقليدية المتبعة منذ عشرات السنين، إذ يتوقف أسلوب التعبير عن أهمية وارتباط الحدث عند حدود الغناء وتكرار الحديث عن عظمة المصريين الذين بنوا الأهرام والسد العالى، وها هم يحفرون القناة كما حفروها أول مرة.

خلق حالة التجانس بين الوزارات المختلفة واتباع الأسلوب العلمى الصحيح فى تحديد الأولويات التى يقرها الناس بالفعل هو المدخل الصحيح لتحقيق النجاح. وإذا أردنا طرح نماذج للحديث عن فرص ضائعة فى التواصل مع الناس فهى متعددة، وإذا لم يتم إدراك ذلك واتخاذ خطوات علمية مدروسة، فإن فرصاً تضيع ونجاحاً ممكناً سيصعب تحقيقه.