ترسيم الحدود البحرية له قواعد وتحكمه قوانين دولية

أحمد عبد الحليم موسي الإثنين 25-08-2014 22:32

أود الرد العاجل على ما نشرته «المصرى اليوم» فى عدد الجمعة ٢٢ أغسطس بالفونت الكبير أن هناك ما يسمى بالتيار الشعبى ومؤسسه السيد/ حمدين صباحى يطالب بإعادة ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية مع قبرص لاستعادة الحقوق المصرية فى حقول الغاز الطبيعى بالبحر المتوسط التى تسطو عليها إسرائيل.

لم أصدق أن يصدر هذا الكلام من السيد المذكور، الذى كان يرى أنه جدير برئاسة جمهورية مصر ولكن الله ستر وكفانا ما لقيناه كمصريين أحرار محبين لبلدهم من عام حكم البهتان، وراودنى الشك أن يكون السيد المذكور منتمياً أو امتداداً لهذه الفئة الضالة، خاصة أن أحد أقطابها قدم دعوى رسمية إلى مجلس الشورى المنحل «لإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة بين مصر وقبرص»، وللعجب فإن مقدم الدعوى كان أستاذاً فى كلية العلوم بجامعة أسيوط، وكان فى نفس الوقت من كبار تجار مواد البناء فى مدينة أسيوط. ومكونات هذه الدعوى عبارة عن ١٣٦ خريطة معيبة ومزركشة لإبهار أعضاء مجلس الشورى المنحل.

ما علينا، أود أن أقول للسيد/ صباحى إن ترسيم الحدود البحرية له قواعد وأصول وتحكمه قوانين دولية، وإن مصر كانت سباقة قبل كل الدول المطلة على حوض البحر المتوسط فى القيام بترسيم شواطئ الجمهورية بالقرار الجمهورى ٢٧/ ٩٠ فى يناير ١٩٩٠، ومن ثم ترسيم الحدود الاقتصادية الحصرية، ولم يكن هناك أى اكتشاف للغاز أو البترول فى أى من دول حوض البحر المتوسط إلا فى جمهورية مصر.

وبعد هذا الترسيم بأربعة أعوام فى عام ١٩٩٤ تم توقيع اتفاقية غزة وأريحا بين كل من ياسر عرفات عن السلطة الفلسطينية وإسحاق رابين عن دولة إسرائيل، وكان من الشهود على هذه الاتفاقية جمهورية مصر، وقد التزمت هذه الاتفاقية بالحدود البحرية بين مصر وقطاع غزة كما تم ترسيمها بواسطة جمهورية مصر فى عام ١٩٩٠.

وفى عام ١٩٩٩ وقعت الهيئة العامة للبترول المصرية اتفاقية مع شركة شل العالمية سميت باسم «نيميد» وكانت حدودها الشمالية مطابقة وملتزمة بالترسيم الذى قامت به السلطات المصرية كخط منتصف بين مصر وقبرص، وبالمثل كانت حدودها الشرقية مطابقة بالترسيم الذى قامت به السلطات المصرية.

وفى نفس العام ١٩٩٩ وقعت الهيئة العامة للبترول المصرية اتفاقية مع شركة بريتيش جاز العالمية سميت باسم «شمال سيناء البحرية» وكانت حدودها الشرقية ملاصقة للحدود التى التزم بها ياسر عرفات وإسحاق رابين.

وعلى الجانب الآخر، اكتشفت إسرائيل بعد ١١ عاماً فى يونيو ٢٠١٠ حقلها الأكبر لفياثان، وتلتها قبرص بعد ١٢ عاماً فى ديسمبر ٢٠١١ حقلها الوحيد أفروديت، أى أن هناك فاصلاً زمنياً حوالى ١٠ سنوات ما بين الاتفاقيات المصرية مع شل وبريتيش جاز واكتشافات إسرائيل وقبرص، وكانت نشاطات قبرص وإسرائيل تحت متابعة لصيقة من قبل قطاع البترول المصرى وشركاته وأيضاً من قبل السلطات المصرية الساهرة على مصالح الشعب.

أعود وأكرر للسيد/ صباحى أن هناك من يعملون للتشكيك فى الحدود الاقتصادية الحصرية لمصر، وأن هناك من يسطو على حقول الغاز المصرية، ومنهم عضو فى مجلس الشورى المنحل وآخر مغترب مصرى أمريكى من نيويورك، يبطنون ما لا يظهرون وليس لدى شك كثير فى أنهم يعملون لصالح المستفيد الوحيد لهذا التشكيك وادعاءات السرقة.

من هو هذا المستفيد يا سيد صباحى؟ هو تركيا التى لا تعترف بقانون البحار UNCLOS 1982 والحقوق الاقتصادية للجزر ولا حتى بدولة قبرص التى تقف حائلاً بينها وبين أى مصالح فى الجزء المهم من حوض البحر المتوسط.

سيدى الأستاذ/ صباحى أرجو منك التروى فى تبنى وترديد هذه الخزعبلات التى تهدف إلى تشكيك المصريين فى قدرات وكفاءة المسؤولين فى الدولة وتهاونهم فى الحرص على حقوقهم.

* الرئيس الأسبق لهيئة المساحة الجيولوجية المصرية