الباعة الجائلون بعد نقلهم للترجمان: سننضم لجماعة الإخوان

كتب: محمد القماش الأحد 24-08-2014 13:02

وقف خالد هاشم، الرجل الستيني، أمام صيدلية الإسعاف، يلملم بضائعه المتناثرة على الأرض، مستندًا على عكازه، بينما يأمره أحد المجندين بشرطة المرافق بسرعة إنجاز مهمته، ورفع البضاعة فوق سيارة نقل لنقلها إلى جراج الترجمان، فيصيح الرجل به رافضًا زحرحته كما يقول إن أكل عيشه هنا، وهيحارب من أجله، ولن ينتقل سوى على جثته الواهنة، مؤكدًا أنهم سيوافقون على نقلهم إلى منطقة وابور الثلج المجاورة للقنصلية الإيطالية بشارع الجلاء.


حال «خالد» لم يختلف عن بقية الباعة الجائلين الذين قابلوا قرار الحكومة نقلهم مؤقتًا إلى منطقة جراج الترجمان الكائنة بشارع الصحافة بوسط البلد بالرفض، وردوا هتافات مناهضة لرئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب: «آه يا حكومة هز الوسط أكلتونا العيش بالقسط.. لا إحنا فلول ولا إخوان إحنا الشعب الجعان.. قالوا عدالة وقالوا حرية والظلم زي ما هو».

«جراج الترجمان جاهز الآن لاستقبال الباعة الجائلين، وكل بائع متجول له رقم داخل الجراج ويتم تسكينه، والقانون سيطبق بحذافيره، والحملة لإزالة الاشغالات مستمرة لمدة 3 أيام»، قالها اللواء على الدمراش، مدير أمن القاهرة، لـ«المصري اليوم»، بينما كان يتفقد الأوضاع بشوارع طلعت حرب وشريف وقصر النيل و26 يوليو حيث تم إخلاء الأرصفة من الباعة وبضائعهم دون أي مقاومة أو اعتراضات.

الحالة الأمنية بشوارع وسط البلد، كما رصدتها «المصري اليوم»، تمثلت في انتشار مئات المجندين وعربات الأمن المركزي، مدعمين بمدرعات ودبابات جيش، وقفت إحداها أمام محطة الإسعاف وأخرى بميدان رمسيس، فضلًا عن انتشار رجال المرور الذين استقلوا «موتسيكلات» يجوبون بها الشوارع لتسيير حركة المرور أمام السيارة، ورفع السيارات المخالفة الواقفة أمام مقر دار القضاء العالي.

تحدث محمد إبراهيم، أحد الباعة الجائلين بتهكم وسخط شديدين، وهو يذكر منذ 20 عامًا وإحنا واقفين على الرصيف قبل ما الرئيس الأسبق حسني مبارك يتنحى عن الحكم في 11 فبراير 2011، لأن الباعة هم الأمن نفسه، ولما كانت مسيرات جماعة الإخوان الإرهابية بتمر من هنا بشوارع وسط البلد كنا نتصدى لهم وليس الأمن ولولانا لكان الوضع في ثورة الآن، مؤكدًا أنه لم يشك أحد من المواطنين على مدار سنوات طويلة من سرقة بائع له بينما كان يطلع من محطة مترو الأنفاق ولا غيره بالعكس كنا نحمي الناس من السرقات وملاحقة الحرامية.

يدب عم «محمد» قدميه بالأرض، وبعنف أكد «إحنا مش هنروح الترجمان»، قبل أن يشرح أن تلك المنطقة عبارة عن مبنى مكون من 3 أو 4 طوابق بجوار ورش الخردة بمنطقة السبتية بشارع الصحافة، وصعب الزبائن تأتي إليها، وثبت من خلال تجربة آخرين نقلوا إليها أنها باءت بالفشل، وهؤلاء الباعة سرحوا في النهاية.

وقال أحمد إسماعيل، أحد الباعة بميدان الأوبرا، إنهم لم يخالفوا القانون، وسمعوا تعليمات محافظ القاهرة التي أصدرها منذ فترة بعدم تخطينا الأرصفة، وبالفعل وقفنا داخل الأسوار لكن فوجئنا بقرار نقلنا إلى جراج الترجمان، مضيفًا: «أصبحت من غير شغل الآن، ولدي 5 من الأبناء بمراحل مختلفة بالتعليم».

وشرح «إسماعيل» سبب رفض الباعة نقلهم إلى منطقة الترجمان بأن الحكومة حددت نصف متر في نصف متر لكل بائع وهي مساحة لا تكفي فضلًا عن أننا سنضطر إلى دفع «فلوس» لتأمين البضائع لا نقدر على سدادها، لأن «اللي جاي على قد اللي رايح»، ولم يكن في استطاعتنا دفع 50 جنيها لحارس على الأقل يوميا، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء اجتمع بالباعة منذ فترة قليلة وأبدوا موافقتهم على نقلهم إلى منطقة وابور الثلج، حيث إنها أرض فضاء مساحتها تقريبًا حوالي 8 أفدانة وسيقام عليها مول.

وتدخل عم «خالد» في الحديث ثانية، بلهجة غاضبة، :«من حقي أخذ كشك من الحكومة أصلاً، ولدي مسؤولية تربية وتجهيز 4 فتيات تخرجن من الجامعات، ولم يحصلن على وظائف تناسب شهاداتهن التعليمية»، ونزل على الأرض ورسم خطًا قال إن تلك المساحة نصف المتر هي التي خصصتها الحكومة لنا في الترجمان، مشيرًا إلى أن الزبائن التي اعتادت التردد علينا لن يتمنكوا من الوصول إلى الترجمان بسهولة، ولن نتحرك من هنا مهما جرى.

وذكر محمود رمضان، بائع بميدان رمسيس، إنه بائع منذ 33 سنة، والظروف حكمت علينا نكون باعة جائلين، وهذا البائع الجوال موجود في جميع أنحاء العالم، مهددًا نحن سنضم إلى جماعة الإخوان، وسيولد منا إرهابيون حال الضغط علينا وقطع أزرقنا ولن نرضى بوابور الثلج بديلاً، وأعلى ما في خيل تلك الحكومة تركبه.