باتت دمشق وواشنطن تستهدفان عدوًا مشتركا هو تنظيم «داعش» الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، من دون أن يؤدي ذلك إلى تقارب بين النظام السوري والولايات المتحدة التي تنادي برحيله منذ أكثر من 3 أعوام، بحسب خبراء ومحللين.
وبدأت الولايات المتحدة منذ نحو أسبوعين، توجيه ضربات جوية في شمال العراق ضد التنظيم المتطرف الذي اقترب بتمدده من حدود إقليم كردستان. كما كثف الطيران الحربي السوري هذا الأسبوع غاراته على مناطق سيطرة التنظيم في شمال سوريا، لا سيما في محافظة الرقة.
ويقول مدير صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات، وضاح عبدربو، «من خلال قصف داعش تريد دمشق أن تقول للأمريكيين إنها ليست في حاجة إلى طائرتهم الحربية ضد التنظيم».
ويضيف أن النظام السوري «يذكر العالم بأنه لا مفر من محاربة الإرهاب».
ومنذ اندلاع الأزمة منتصف مارس 2011، استخدمت دمشق عبارة «المجموعات الإرهابية المسلحة» للإشارة إلى مقاتلي المعارضة الذين يواجهون القوات النظامية في نزاع أودى بحياة أكثر من 170 ألف شخص.
ومنذ شرعت الولايات المتحدة في قصف «داعش» في شمال العراق في 8 أغسطس، تساور دمشق شكوك بأن واشنطن الداعمة للمعارضة السورية، قد توسع نطاق عملياتها لتشمل أراضيها.
ويقول مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية، بسام أبوعبدالله، إن «سوريا لا تبحث عن رضا أمريكي (في موضوع استهداف داعش)، بل تتعامل مع واشنطن منذ 3 سنوات و6 أشهر كخصم».
وفي حين يلمح إلى احتمال أن «تصل الولايات المتحدة إلى قناعة بضرورة التنسيق» مع دمشق في مواجهة التنظيم المتطرف، يؤكد أن «سوريا ترفض التعاطي عسكريًا من دون التعاطي مع السلطة السياسية»، في إشارة إلى اعتراف واشنطن بالنظام السوري على رغم مطالبتها منذ أعوام برحيله.
وسبق للرئيس الأسد ومسؤولين سوريين آخرين، أن أكدوا خلال الأشهر الماضية أن أجهزة استخبارات غربية قلقة من تنامي نفوذ الجهاديين وبينهم أوروبيون وأمريكيون يقاتلون مع المجموعات المتطرفة في سوريا، طلبت تعاونًا في المجال الأمني مع دمشق إلا أن الأخيرة رفضت التجاوب طالما أن الغرب ما زال على موقفه الداعم للمعارضة السورية.
ونفت واشنطن رسميًا أي تقارب أو تعاون مع دمشق في مجال توجيه الضربات إلى تنظيم «داعش» ذي الجذور العراقية، والذي ظهر في سوريا في ربيع عام 2013.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف، الاثنين، معارضتها «بشدة» للقول بأن بلادها وسوريا هما «على الموجة نفسها».
وأوضحت أن الحكومة العراقية هي التي طلبت تدخل واشنطن لمساعدتها في وقف زحف المتشددين، في حين أن النظام السوري هو المسؤول عن تنامي «داعش» وتنظيمات جهادية أخرى مثل «جبهة النصرة»، الذراع الرسمية لتنظيم «القاعدة» في أراضيه.
ورأت هارف أنه «من التبسيط بمكان» المقارنة بين الوضع الميداني في العراق وسوريا، معتبرة في الوقت نفسه أنه «لأمر جيد أن يتم القضاء على مقاتلين في داعش في ميدان المعركة» في أي من البلدين.
كما يستبعد الخبراء أي تقارب في المدى المنظور بين دمشق وواشنطن.
ويقول الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة كورنيل الأمريكية ديفيد أوهلين إنه «في أفضل الأحوال، يمكن حصول إقرار غير معلن بأن الولايات المتحدة وسوريا والعراق تحارب داعش، إلا أنني أستبعد حصول تعاون معلن ومباشر بين الأسد والولايات المتحدة».
وفي السياق نفسه، يستبعد السفير الهولندي السابق في سوريا نيكولاوس فان دام أي تقارب بين الأسد والدول الغربية التي تطالب برحيله منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة له منتصف مارس 2011، لا سيما أن هذه الدول وصفت بـ«المهزلة»، الانتخابات التي أفضت إلى إعادة انتخاب الرئيس السوري لولاية ثالثة في الثالث من يونيو.